فضيلة الشيخ محمد الدبيسي حفظه الله
موقع غير رسمي يحتوي على المحاضرات الصوتية و كتب لفضيلة الشيخ

فضيلة الشيخ محمد الدبيسي حفظه الله / وظائف شهر شعبان - الوظيفة الثانية: تعمير الأوقات الغفلة بالطاعات

 

 

 

 

الوظيفة الخامسة :  تحصيل مغفرة الرب عزّ وجلّ في  ليلة النصف من شعبان

 

نُذَكِّر الآن بليلة النصف من "شعبان"؛ لأنها مما يدخل معنا في الاستعداد لـ"رمضان" وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم:

((إِنَّ اللَّهَ لَيَطَّلِعُ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَيَغْفِرُ لِجَمِيعِ خَلْقِهِ إِلَّا لِمُشْرِكٍ أَوْ مُشَاحِنٍ)) ([1]).

وقضية الدخول إلى "رمضان" والخروج منه خروج الرحمة والمغفرة لا بُدَّ وأن يتحقق فيها هذا المعنى أيضا.

تُرى هؤلاء الذين قد دخلوا "رمضان" على القطيعة، وعلى الشِّجار، وعلى البغضاء، وعلى التنافر، وعلى الغِلِّ والحسد، وسوء الأخلاق فيما بينهم، مُتَقَاطِعون، مُتَدَابِرُون، تُراهم إذا دخلوا "رمضان" يُحَصِّلون المغفرة؟! 

هم لم يُحَصِّلوها في "شعبان" في الليلة التي يغفر الله فيها لكل أحد إلا المشاحن, فخرجوا من "شعبان" متشاحنين فلا يغفر لهم  . تُراهم يُحَصِّلونها في "رمضان"؟!  ..كلا.

لذلك كان من الاستعداد المهم لـ"رمضان" أن يأتي النصف من "شعبان" فلا يكن بين المؤمنين مُتَشَاحِنٌ، ولا مُتَبَاغِض، ولا مُتَقَاطِع، ولا مُتَدَابِر يعني: قد انتفت الشَّحناء من بينهم، وانتفت البغضاء، والتقاطع والتَّدابر، كل أحد يُهِمُّه أن يُغفر له, وألا يطَّلع الله تعالى عليهم فيقول: ((أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا))([2]) . فيطلع عليهم فيغفر لكل أحد إلا مُشْرِك أو مُشَاحِن.

 

قد فتح الله سبحانه هذه الليلة إذًا ليكون حال المؤمن مع الله تعالى حالًا حسنًا يستحق المغفرة في "رمضان"، وأن تكون حال المؤمنين فيما بينهم كذلك تستحق المغفرة، فلا يأتي إذًا هذا اليوم، أو تلك الليلة عليهم إلا وقد صَفُّوا ما بينهم، إلا وقد تسامحوا فيما بينهم، يرجون مسامحة الله، إلا وقد تجاوزوا فيما بينهم؛ يرجون أن يتجاوز الله تعالى عنهم، إلا وقد استسمح كل أحدٍ غيره، أو أخاه فيما أتى في حقه، إن كان في عِرْضِهِ، في ماله، في أي شيء أن يستسمحه إياه، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ لِأَخِيهِ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهَا فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ))([3]) .

فليتحلله اليوم ..اليوم! لا ينتظر لغدٍ كما قال تعالى: ﴿ اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾[الحشر: 18] .

 

ولهذا المعنى، وهو مغفرة الله تعالى للمؤمنين في "شعبان" في ليلة النصف، لهذا المعنى استحب كثير من السلف أن تُقام هذه الليلة بعضهم استحب أن يقومها جماعةً في المسجد، وبعضهم قال: لا، لا يقومونها جماعة، وإنما يقومها كل أحد بمفرده؛ يرجو رحمة الله تعالى، ﴿وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا﴾[البقرة: 148] لسنا في باب بحث الأدلة في المسألة، وإنما قد صار قوم إلى ذلك، وصار قوم إلى منعه، والمقتصدون -في النصف - قالوا: لكل أحد أن يقومها في ليلته تلك لئلا يطلع الله على الناس فيجدهم مجتهدين وهونائم..فبمَ يحصل المغفرة ؟!

فإذا غفر له في "شعبان" ظهرت آثار المغفرة في بقية أيام "شعبان" فأتى عليه "رمضان" على أحسن حال من أحوال المغفرة، فازداد مغفرة وازداد رحمة، وكذلك كان أهلًا لأن يأتي عليه "رمضان" فينتهي ليعتق من النار.


 

([1])أخرجه ابن ماجه (1390) من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه ، وحسنه الشيخ الألباني كما في صحيح الجامع (1819).

([2])أخرجه مسلم (2565) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .

([3])أخرجه البخاري (6534) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .

 

________________________________________________________

روابط ذات صلة : وظائف شهر شعبان   

ملف "إيقاظ أهل الإيمان لمغفرة رمضان"

 فتاوي بعض العلماء بخصوص قيام ليلة النصف من شعبان(روابط خارجية):

 شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى , الشيخ عطية صقر رحمه الله تعالى

________________________________________________________________________________________________________________

تنبيه هام : هذه الوظائف استخرجها محررو الموقع  -بحسب ما أدى إليه فهمهم واجتهادهم  - من كتاب فضيلة الشيخ حفظه الله تعالى "حال المؤمنين في شعبان " , وقد تم التصرف فيها كثيرا لتبسيطها وحتى يستفاد إخواننا من بعض الدرر الذي يحتويه هذا الكتاب , لذا فإن أي خطأ يتحمله المحررون وحدهم  ,  وفضيلة الشيخ عافاه الله تعالى  ليست له علاقة به , ولا تنس أخي الكريم أن الكتاب أصله تفريغ لخطب "حال المؤمنين في شعبان" وخطب "الاستعداد لشهر رمضان" , لذا فإن أسلوب الاستطراد غالب عليه , والله الموفق

الحقوق الفكرية: فضيلة الشيخ محمد الدبيسي حفظه الله