فضيلة الشيخ الدكتور/ محمد الدبيسي حفظه الله
موقع غير رسمي يحتوي على المحاضرات الصوتية و كتب لفضيلة الشيخ

 

فضيلة الشيخ محمد الدبيسي حفظه الله /  مقالات  /  شرح بعض المختارات من دعوات النبي محمدٍ صلّى الله عليه وسلم.

 

ابحث داخل الموقع    

الرئيسية 

ترجمة الشيخ

ركن الصوتيات

مواعيد  الدروس

ركن الكتب

مختارات

ركن الملفات

ركن المقالات

إلي محرر الموقع

جديد الموقع

معلومات حول الموقع

 

 

                                                                                  

 

تنبيه مهم:

  بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ صلى ال له عليه وسلم.

 

وبعدُ، فإن الدعاء من أهم أسلحة المؤمن؛ يرفعُ الله به عنه البلاء، وبه ينصره على الأعداء، وبه يفرّج عنه كربات الدنيا والبرزخِ ويومِ القيامة، لذا حرص القرآن الكريم أن يُعلّمنا شيئًا من هذه الدعوات الطيّبات كما في خواتيم سورة البقرة وفي غيرها من السّور الكريمات،وأيضًا ذكر لنا القرآنُ الكريمُ أدعيةَ بعض الأنبياء المكرَّمين لنقتدي بهم عليهم السلام،  كما حرص الصحابةُ المطهَّرين رضوان الله عليهم أجمعين  على نقل دعوات النبي صلى الله عليه وسلم الذي آتاه ربُّه عزّ وجلّ جوامعَ الكلم في الدعاء وغير الدعاء، والذي - صلى الله عليه وسلم- لم يترك خيّرًا قط إلَّا وبيّنه لنا - صلى الله عليه وسلم-  حتى نقتديَ به صلى الله عليه وننتفع بما علّمنا صلوات ربي وسلامه عليه.

لذا فهذه المقالة نواةٌ إن شاء الله تعالى لذكر بعض الدعوات النبوية الشريفة، وفيها أذكر إن شاء الله الدعاء النبوي الشريف، ثم أذكر تخريجًا مختصرا للحديث مع بيان درجة صحة الحديث عند علماء هذا الفنّ، ثم شرحًا مختصرا لمعاني الحديث من بعض شروح السُّنّة المعتمدة ، مٌرِكزًا فيه على ثمرات معاني الدعاء التي ينبغي أن يستشعرها المؤمن حال دعائه بهذه الدعوات النبوية الجامعة. وسوف أقوم بين الحين والحين إن شاء الله تعالى بإضافة شروح  لدعواتٍ  أخرى للنبي صلى الله عليه وسلم إلى هذه المقالة مع التنبيه على ذلك حتى ينتفع بها إخواننا حفظهم الله تعالى.

 

واعلم أخي الحبيب أن لشيخي/ فضيلة الشيخ د. محمد الدبيسيّ حفظه الله تعالى وعافاه مقالةً ماتعةً جدًا عن الدعاء، ذكَر فيها فضيلةُ الشيخ حفظه الله تعالى :أسبابَ تخلُّف أَثَر الدعاء، وأنّ  الدعاء هو  أنفع شيءٍ للبلاء، وأسبابَ استجابة الدعاء، كما ذكر فيها   التوسّلَ بأسماء الله الحسنى، والدعاءَ باسم الله الأعظم، فارجع إليها للأهمية الشديدة أفادك الله تعالى.

 

 

***********************

 

شرح بعض المختارات من دعوات النبي محمدٍ صلّى الله عليه وسلم.  (راجع آخر تعديل للصفحة لمعرفة الجديد)

 

وفي هذه المقالة النقاط التالية:

 

1- شرح دعاء النبي صلى الله عليه وسلم:  اللَّهُمَّ أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ

2- شرح دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ

3- شرح دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ جَهْدِ الْبَلاَءِ

4- شرح دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: اللَّهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا يَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ

5- شرح دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: رَبِّ أَعِنِّى وَلاَ تُعِنْ عَلَىَّ، وَانْصُرْنِى وَلاَ تَنْصُرْ عَلَىَّ..

6- شرح دعاء النبي صلى الله عليه وسلم :اللَّهُمَّ، جَنِّبْنِي مُنْكَرَاتِ الأَخْلاقِ، وَالأَعْمَالِ، وَالأَهْوَاءِ، وَالأدْوَاءِ

 

 

 

 

 

1- شرح دعاء النبي صلى الله عليه وسلم:  اللَّهُمَّ أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ

 

 عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:

فَقَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةً مِنَ الْفِرَاشِ، فَالْتَمَسْتُهُ،

فَوَقَعَتْ يَدِى عَلَى بَطْنِ قَدَمَيْهِ وَهُوَ فِى الْمَسْجِدِ، وَهُمَا مَنْصُوبَتَانِ، وَهُوَ يَقُولُ:

«اللَّهُمَّ أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ،

وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ،

وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ،

لاَ أُحْصِى ثَنَاءً عَلَيْكَ؛ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ» .

أخرجه مسلم في صحيحه  (486) وغيرُه.

 

الشرح:

 

وَقَوْلهَا : ( وَهُوَ يَقُول : اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذ بِرِضَاك مِنْ سَخَطك . وَبِمُعَافَاتِك مِنْ عُقُوبَتك ، وَأَعُوذ بِك مِنْك لَا أُحْصِي ثَنَاء عَلَيْك أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْت عَلَى نَفْسك )

قَالَ الْإِمَام أَبُو سُلَيْمَان الْخَطَّابِيّ رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى فِي هَذَا مَعْنَى لَطِيفٌ ؛ وَذَلِكَ أَنَّهُ اِسْتَعَاذَ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَسَأَلَهُ أَنْ يُجِيرهُ بِرِضَاهُ مِنْ سَخَطه ، وَبِمُعَافَاتِهِ مِنْ عُقُوبَته ، وَالرِّضَاء وَالسَّخَط ضِدَّانِ مُتَقَابِلَانِ . وَكَذَلِكَ الْمُعَافَاة وَالْعُقُوبَة فَلَمَّا صَارَ إِلَى ذِكْر مَا لَا ضِدّ لَهُ وَهُوَ اللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى اِسْتَعَاذَ بِهِ مِنْهُ لَا غَيْر .

وَقَوْله : (لَا أُحْصِي ثَنَاء عَلَيْك) أَيْ لَا أُطِيقهُ وَلَا آتِي عَلَيْهِ ،

وَقِيلَ : أي لَا أُحِيط بِهِ ،

وَقَالَ مَالِك رَحِمَهُ اللَّه تَعَالَى : مَعْنَاهُ لَا أُحْصِي نِعْمَتك، وَإِحْسَانك، وَالثَّنَاء بِهَا عَلَيْك وَإِنْ اِجْتَهَدْتُ فِي الثَّنَاء عَلَيْك .

 

وَقَوْله : ( أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْت عَلَى نَفْسك ) اِعْتِرَاف بِالْعَجْزِ عَنْ تَفْصِيل الثَّنَاء ، وَأَنَّهُ لَا يَقْدِر عَلَى بُلُوغ حَقِيقَته ،  فَوَكَّلَ ذَلِكَ إِلَى اللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى الْمُحِيط بِكُلِّ شَيْء جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا ، وَكَمَا أَنَّهُ لَا نِهَايَة لِصِفَاتِهِ فإنه لَا نِهَايَة لِلثَّنَاءِ عَلَيْهِ جلّ وعلا؛ فكُلّ ثَنَاءٍ أُثْنِيَ بِهِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَثُرَ وَطَالَ وَبُولِغَ فِيهِ فَقَدَرُ اللَّه أَعْظَم ، وَسُلْطَانه أَعَزّ، وَصِفَاته أَكْبَر وَأَكْثَر ، وَفَضْله وَإِحْسَانه أَوْسَع وَأَسْبَغ .

انتهى بتصرفٍ واختصارٍ من شرح الإمام النووي على صحيح مسلم.

 

وقال فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى ما حاصِلُه:

كان من دعائه عليه الصلاة والسلام (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذ بِرِضَاك مِنْ سَخَطك) والمعنى: أنه صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله عز وجل بالأعمال الصالحة عن الأعمال السيئة؛ لأن الأعمالَ السيئة تُوجِب الغضبِ والسَّخَطَ، والأعمالَ الصالحةَ تُوجِب الرَّضَا، والشيءُ إنـَّما يُداوَى بضدِّه، فالسخط ضدُّه الرضا؛ فيستعيذ بالرضا من السخط.

قوله: (وَبِمُعَافَاتِك مِنْ عُقُوبَتك) يعني أستعيذ بمعافاتك من الذنوبِ وآثارِها وعقوباتـِها ، وهذا يتضمنُ سؤالَ المغفرةِ،

قوله (وَأَعُوذ بِك مِنْك) وهذا أشمل وأعمُّ أنه يتعوّذ بالله من الله عز وجل؛  وذلك لأنه لا مَنْجَى ولا ملجأَ من الله إلا إليه، فلا أحدَ يُنجّيك من عذاب الله إلا الله عز وجل،  فتَسْتعيذ بالله من الله سبحانه وتعالى؛ أي تستعيذ به من عقوبته وغير ذلك مما يقدّره جلّ وعلا.

 

انتهى بتصرفٍ كثيرٍ واختصار من شرح رياض الصالحين لفضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى.

 

-إلى أعلى الصفحة-

 

-------------------------------------------------------------------------------

 

 

2- شرح دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ

 

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:

كَانَ مِنْ دُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

« اللَّهُمَّ! إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ،  وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ » .

أخرجه الإمامُ مسلمٌ في صحيحه (2739)، واللفظُ له، وأبو داودَ بنحوِه (1545)، وغيرُهما.

 

شرح معاني هذا الدعاء الجميل:

 

 (كَانَ مِنْ دُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:: اللَّهُمَّ! إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ) "زوال نعمتك" أي ذهابِها، و "نعمة" هنا تعمُّ النِّعَمَ الظاهرة والباطنة، لأنها مفردٌ في معنى الجَمْع ، و"النعمة" هي  كل ملائم تُحْمد عاقبتُه ، ومن ثَـمَّ: "قالوا لا نعمة لله على كافر، بل ملاذه استدراج"، لأن عاقبته سيئة.

والاستعاذة من زوال النعم تتضمَّنُ الحفظَ عن الوقوع في المعاصي، لأن المعاصي  تُزيل هذه النعمَ. ألا تَرَى إلى قول الشاعر :

 

إذا كُنتَ في نِعْمَةٍ فارْعَها * * فإنَّ المعاصيَ تُزيلُ النِّعَم

 

 

(وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ)  أي تبدلّها ، وفي رواية عند أبي داود:  "وَتَحْوِيل عَافِيَتِكَ"  و"التحويلُ" تغْيِيْرُ الشئ وانفصاله عن غيره، فكأنه سألَ دوامَ العافية؛ وهي – أي العافية- السلامةُ من الآلام والأسقام – أي الأمراض.

 

 (وَفُجَاءَةِ) "الْفُجَاءَة" و"الْفَجْأَة" لُغَتَانِ- أي بمعنًى واحدٍ، ولكنْ تكلّم بكل لغةٍ بعضُ  قبائل العَرَب- وَهِيَ:  الْبَغْتَة، أي الـمُفاجَأة المباغِتة على غَفلةٍ، ويُقال ماتَ فلانٌ فجأةً:  أي بُغِتَ من غير إنذارٍ بمرضٍ،  (نِقْمَتِكَ) أي غضبِك وعقوبتِك، و"نَقَمَ"  "يَنْقِمُ" -في اللغة-  إذا بَلَغت به الكراهةُ حَدَّ السُّخط. وانْتَقَم اللهُ منه، أي: عاقَبَه. والاسمُ منه النّقمة، والجَمْع نَقِمَاتٌ.

 

 

 (وَجَمِيعِ سَخَطِكَ) "السَّخَط" "والسُّخْط" بمعنًى واحدٍ، وهو: ضدُّ الرِّضَا، وقد سَخِط أي غَضِب، وأسْخَطَه أي  أغْضَبه.

ومعنى الاستعاذة من "جميع سخطك" أي أعوذ بك مِن سائرِ الأسباب الموجبة لذلك السخط، وإذا انتفتْ أسبابُ السخط حصل أضدادها من تحصيل رضا الله تعالى.

 

وفي صحيح مسلمٍ أيضًا (486) : عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ – رضي الله عنهما- قَالَتْ:  فَقَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةً مِنَ الْفِرَاشِ، فَالْتَمَسْتُهُ، فَوَقَعَتْ يَدِى عَلَى بَطْنِ قَدَمَيْهِ وَهُوَ فِى الْمَسْجِدِ وَهُمَا مَنْصُوبَتَانِ وَهُوَ يَقُولُ: « اللَّهُمَّ أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ، لاَ أُحْصِى ثَنَاءً عَلَيْكَ، أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ »

 

نصيحة:

قال فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى في شرح رياض الصالحين بعد ما ذكر بعضَ أحاديث الدعوات:

"وهذه الأحاديث ينبغي للإنسان أن يكتبها عنده من هذا الكتاب ، ويذكر اللهَ تعالى بها؟، ويدعو بها حتى ينتفع ، وأما قراءتها كهذا هنا فهي حسنة ولا بأس بها،  لكن في علمي أو ظني أنكم سوف تسمعونها الآن ثم تذهب عن قلوبكم،  لكنْ خير من هذا أن تكتبوها من هذا الكتاب وتدعوا الله تعالى بها والله الموفق". انتهى من كلامه رحمه الله تعالى.

 وخيرٌ من كتابة هذه الأدعية حفظُها لمن قَدر على ذلك.

 

 

انتهى بتصرفٍ كثيرٍ واختصارٍ من : "فيض القدير" للمناوي،  و"مرعاة المفاتيح" للمباركفوري، ومُعْجَمَيْ: "مختار الصحاح" و"النهاية في غريب الحديث".

 

-إلى أعلى الصفحة-

 

------------------------------------------------------------------------------- 

 

3-  شرح دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ جَهْدِ الْبَلاَءِ

 

 عن أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

«تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ جَهْدِ الْبَلاَءِ ، وَدَرَكِ الشَّقَاءِ ، وَسُوءِ الْقَضَاءِ ، وَشَمَاتَةِ الأَعْدَاءِ» .

أخرجه البخاريّ في صحيحه (6616)

 

عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ  رضي الله عنه:

أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَتَعَوَّذُ مِنْ سُوءِ الْقَضَاءِ،  وَمِنْ دَرَكِ الشَّقَاءِ، وَمِنْ شَمَاتَةِ الأَعْدَاءِ، وَمِنْ جَهْدِ الْبَلاَءِ .

 أخرجه الإمام مسلم في صحيحه (7052)

 

 

 (تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ جَهْدِ الْبَلاَءِ) البلاء  المقصود به هنا هو الامتحان والاختبار، والجَهْد هو المشقة، وقيل هو الغاية والنهاية.  فـ"جَهْد البلاء" أي  الحالة الشاقة التي تأْتي على الرجل بحيث يختارُ عليها الموت! ويُقال أيضا: جَهْد البلاء أيْ كثرة العيال وقِلَّة الشيء.

 

 (وَدَرَكِ الشَّقَاءِ)  "الدرك" اسمٌ من الإدْراك لما يلحقُ الإنسانَ من تَبِعَة.  و "الشقاء" بمعنى الشقاوة.  وقال ابن حجر رحمه الله تعالى : هو الهلاك ...

 

(وَسُوءِ الْقَضَاءِ) أي المقضيِّ،  لأن قضاء الله كله حَسَنٌ لا سوء فيه،  وهذا عام في أمر الدارين.

 

 (وَشَمَاتَةِ الأَعْدَاءِ) أي فرحهم ببلِيَّة تنزل بعدوهم وسرورهم بما حل بهم من البلايا والرزايا.

 

انظر – بتصرف كثير واختصار: فيض القدير للمناوي، و لسان العرب، مختار الصحاح، النهاية، مادتيْ (ج ه د) ، (ب ل ا).

 

 

-إلى أعلى الصفحة-

 

------------------------------------------------------------------------------- 

 

4- شرح دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: اللَّهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا يَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ

 

 

عنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما  قَالَ:

قَلَّمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُومُ مِنْ مَجْلِسٍ حَتَّى يَدْعُوَ بِهَؤُلاَءِ الْكَلِمَاتِ لأَصْحَابِهِ:

 «اللَّهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا يَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ،

 وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ، وَمِنَ الْيَقِينِ مَا تُهَوِّنُ بِهِ عَلَيْنَا مُصِيبَاتِ الدُّنْيَا،

 وَمَتِّعْنَا بِأَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُوَّتِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا، وَاجْعَلْهُ الْوَارِثَ مِنَّا،

 وَاجْعَلْ ثَأْرَنَا عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا، وَانْصُرْنَا عَلَى مَنْ عَادَانَا،

 وَلاَ تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِى دِينِنَا، وَلاَ تَجْعَلِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا وَلاَ مَبْلَغَ عِلْمِنَا،

 وَلاَ تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لاَ يَرْحَمُنَا » .

أخرجه الترمذي (3502) وقَالَ: (حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) ، وحسّنه الألباني في صحيح الترمذي.

 

شرح هذا الحديث المهم الذي قلَّ ما كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُومُ مِنْ مَجْلِسٍ حَتَّى يَدْعُوَ به :

 

(اللَّهُمَّ اقْسِمْ لَنَا) أي اجعلْ لنا قسمةً ونصيبًا (مِنْ خَشْيَتِكَ) أي  من خوفِك، و «الخشية» هي الخوف، أو الخوف المقترن بالتعظيم (مَا يَحُولُ) أي ما يَحْجبُ ويمنع (بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ) لأن القلبَ إذا امتلأ من الخوف أحجمتِ الأعضاءُ جميعُها عن ارتكاب المعاصي، وبقَدْرِ قِلَّةِ الخوف يكون الهجوم على المعاصي ، فإذا قلَّ الخوفُ جدا واستولت الغفلة كان ذلك من علامة الشقاء، ومَنْ ثَمَّ قالوا: «المعاصي بريد الكفر» كما أنّ الغناءَ بريدُ الزنا..،  وللمعاصي من الآثار القبيحة المذمومة المضرة بالعقل والبدن والدنيا والآخرة ما لا يُحصيه إلا اللهُ، 

 

(وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ) أي مع شمولِنا برحمتك، وليست الطاعةُ وحدَها مبلغةً للجَنّة بدليل حديث : « لاَ يَدْخُلُ أَحَدُكُمُ الْجَنَّةَ بِعَمَلِهِ » . قَالُوا وَلاَ أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟!! قَالَ: « وَلاَ أَنَا؛ إِلاَّ أَنْ يَتَغَمَّدَنِى اللَّهُ مِنْهُ بِرَحْمَةٍ وَفَضْلٍ » . وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ.» [أخرجه أحمد، وصحّحه ابنُ تيمية رحمه الله تعالى وغيرُه، وبنحوِه أخرجه مسلم في صحيحه: 2816 ]

 

(وَمِنَ الْيَقِينِ) أي وارزقنا من اليقين بك وبأنه لا رادَّ لقضائِك وقَدْرِكَ (مَا تُهَوِّنُ) أي تُسهِّل  (بِهِ عَلَيْنَا مُصِيبَاتِ الدُّنْيَا) بأن نعلم أنّ ما قُدِّر من مصيبات الدنيا لا يخلو عن حكمةٍ ومصلحةٍ واستجلابِ مثوبةٍ للعبد الـمُبْتلَى، وأنك لا تفعلُ بالعبد شيئًا إلا وفيه صلاحُه،  

(وَمَتِّعْنَا بِأَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُوَّتِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا، وَاجْعَلْهُ الْوَارِثَ مِنَّا) والضمير – أي الهاء-  في "اجْعَلْهُ"  يحتمل عدة أشياء في تفسيره:

..

       أن يكون الضمير  للتمتُّع، ومعناه: اجعلْ تمتُّعَنا بها باقيًا عنَّا موروثًا لـمَنْ بعدنا،  أو محفوظًا لنا ليومِ الحاجة،

       أو:  أنّ الضمير لما سَبق ذِكْرُه من الأسماع والأبصار والقوة، وإفرادُه وتذكيرُه  بتأويل: "المذكور"، ومعنى وراثتها: لزومُها له عند موته لزوم الوارث له،

 

 (وَاجْعَلْ ثَأْرَنَا عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا) أي مقصورًا على مَن ظلمنا فقط، ولا تجعلْنَا مـِمَّنْ تعدَّى في طلب ثأرِه فأخذ بثأره غيرَ الجاني؛ كما كان في الجاهلية، أو يحتمل المعنى:  واجعلْ إدراكَ ثأرِنا على مَن ظلمنا؛ فنُدْرِك به ثأرَنا،

 

(وَانْصُرْنَا عَلَى مَنْ عَادَانَا) أي ظفّرْنَا عليه وانتقِمْ مِنْه،

 

 (وَلاَ تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِى دِينِنَا) أي لا تُصِيبُنَا بما ينقص دينَنا مِن أكلِ حرامٍ، واعتقادِ سُوءٍ، وفَتْرَةٍ في عبادةٍ ..إلخ،

 (وَلاَ تَجْعَلِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا) فإن ذلك سببٌ للهلاك،

(وَلاَ مَبْلَغَ عِلْمِنَا) بحيث تكون جميعُ معلوماتنا الطرقَ المحصِّلةَ للدنيا والعلومَ الجالبة لها، بلْ ارْزَقْنا عِلْمَ طريقِ الآخرةِ،

 (وَلاَ تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لاَ يَرْحَمُنَا) أي لا تجعلْنَا مغلوبِينَ للظَّلَمةِ والكَفَرة،  أو لا تجعلِ الظالمين علينا حاكمِينَ، أو "مَنْ لا يرحمنا" أي من ملائكة العذاب في القبر والنار وغيرهما،  ذكره كله القاضي.

 

انظر - بتصرّفٍ كثيرٍ جدًا واختصارٍ - "فيضَ القدير" للمناوي رحمه الله تعالى.

-إلى أعلى الصفحة-

 

------------------------------------------------------------------------------- 

 

5- شرح دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: رَبِّ أَعِنِّى وَلاَ تُعِنْ عَلَىَّ، وَانْصُرْنِى وَلاَ تَنْصُرْ عَلَىَّ..

 

 

عن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم يَدْعُو:

« رَبِّ أَعِنِّى وَلاَ تُعِنْ عَلَىَّ، وَانْصُرْنِى وَلاَ تَنْصُرْ عَلَىَّ، وَامْكُرْ لِى وَلاَ تَمْكُرْ عَلَىَّ،

وَاهْدِنِى وَيَسِّرِ الْهُدَى لِى، وَانْصُرْنِى عَلَى مَنْ بَغَى عَلَىَّ،

رَبِّ اجْعَلْنِى لَكَ شَكَّاراً؛ لَكَ ذَكَّاراً؛ لَكَ رَهَّاباً؛ لَكَ مِطْوَاعاً؛ لَكَ مُخْبِتاً؛ إِلَيْكَ أَوَّاهاً مُنِيباً،

رَبِّ تَقَبَّلْ تَوْبَتِى، وَاغْسِلْ حَوْبَتِى، وَأَجِبْ دَعْوَتِى، وَثَبِّتْ حُجَّتِى،

وَسَدِّدْ لِسَانِى، وَاهْدِ قَلْبِى، وَاسْلُلْ سَخِيمَةَ صَدْرِى
» .

----
أخرجه الترمذيُّ (3551) وقَالَ: «حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ»، وغيرُه، وحسّنه الحافظ في الأمالي المطلقة (206)، وصحَّحه الألباني في صحيح الترمذي.

 

شرح الحديث:

 

( رَبِّ أَعِنِّي )  أَيْ وَفِّقْنِي لِذِكْرِك وَشُكْرِك وَحُسْنِ عِبَادَتك ( وَلَا تُعِنْ عَلَيَّ )  أَيْ لَا تُغَلِّبْ عَلَيَّ مَنْ يَمْنَعُنِي مِنْ طَاعَتِك مِنْ شَيَاطِين الْإِنْس وَالْجِنّ،

 

( وَانْصُرْنِي وَلَا تَنْصُرْ عَلَيَّ )  أَيْ أَغْلِبْنِي عَلَى الْكُفَّارِ وَلَا تُغَلِّبْهُمْ عَلَيّ،َ أَوْ: اُنْصُرْنِي عَلَى نَفْسِي؛ فَإِنَّهَا أَعْدَى أَعْدَائِي، وَلَا تَنْصُرْ النَّفْسَ الْأَمَارَةَ عَلَيَّ؛ بِأَنْ أَتَّبِعَ الْهَوَى وَأَتْرُكَ الْهُدَى،

 

( وَامْكُرْ لِي وَلَا تَمْكُرْ عَلَيَّ ،   وَاهْدِنِي ) أَيْ دُلَّنِي عَلَى الْخَيْرَاتِ،

 

( وَيَسِّرْ لِي الْهُدَى ) أَيْ وَسَهِّلْ اِتِّبَاعَ الْهِدَايَةِ،  أَوْ طُرُقَ الدَّلَالَةِ لي؛  حَتَّى لَا أَسْتَثْقِلَ الطَّاعَةَ، وَلَا أَشْتَغِلَ عَنْ العبادة،

 

( وَانْصُرْنِي) أَيْ بِالْخُصُوصِ  (عَلَى مَنْ بَغَى عَلَيَّ )أَيْ انصرني على مَن ظَلَمَنِي وَتَعَدَّى عَلَيَّ،  وَهَذَا تَخْصِيص لِقَوْلِهِ (وَانْصُرْنِي) فِي أَوَّل الحديث،

 

( رَبِّ اِجْعَلْنِي لَك شَكَّارًا ) أَيْ كَثِيرَ الشُّكْرِ عَلَى النَّعْمَاءِ وَالْآلَاءِ، وَتَقْدِيمُ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ "لكَ"  لِلِاهْتِمَامِ وَالِاخْتِصَاصِ بتقديم الرب سبحانه وتعالى في الدعاء ، أَوْ لِتَحْقِيقِ مَقَامِ الْإِخْلَاصِ لله تعالى أَيْ عَلَى النَّعْمَاءِ وَالْآلَاءِ،

 

( لَك ذَكَّارًا )أَيْ كَثِيرَ الذِّكْرِ،

 

( لَك رَهَّابًا )  أَيْ كَثِيرَ الْخَوْفِ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ . وَقَالَ اِبْنُ حَجَرٍ : أَيْ مُنْقَطِعًا عَنْ الْخَلْقِ.

 

( لَك مِطْوَاعًا ) أَيْ كَثِيرَ الطَّوْعِ ؛ وَهُوَ الِانْقِيَادُ وَالطَّاعَةُ،

 

( لَك مُخْبِتًا ) أَيْ خَاضِعًا خَاشِعًا مُتَوَاضِعًا؛ مِنْ الْإِخْبَاتِ، والْخَبْت َهُوَ الْمُطَمْئِنُ مِنْ الْأَرْض ، يُقَالُ أَخْبَتَ الرَّجُل إِذَا نَزَلَ الْخَبْت ، ثُمَّ اِسْتَعْمَلَ الْخَبْت اِسْتِعْمَال اللِّين وَالتَّوَاضُع . قَالَ تَعَالَى : { وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ } أَيْ اِطْمَأَنُّوا إِلَى ذِكْره

 

( إِلَيْك أَوَّاهًا ) أَيْ مُتَضَرِّعًا؛ و "أوَّاه" على وزن  فَعَّال؛ لِلْمُبَالَغَةِ، مِنْ أَوَّهَ تَأْوِيهًا وَتَأَوَّهَ تَأَوُّهًا إِذَا قَالَ أَوْه،  أَيْ قَائِلًا كَثِيرًا لَفْظَ أَوْه وَهُوَ صَوْتُ الْحَزِينِ . أَيْ اِجْعَلْنِي حَزِينًا وَمُتَفَجِّعًا عَلَى التَّفْرِيطِ،  أَوْ هُوَ قَوْلُ النَّادِمِ مِنْ مَعْصِيَتِهِ الْمُقَصِّرِ فِي طَاعَتِهِ،  وَقِيلَ الْأَوَّاهُ الْبَكَّاءُ،

 

( مُنِيبًا ) أَيْ إليك  رَاجِعًا،  قِيلَ:  التَّوْبَةُ هي  رُجُوعٌ مِنْ الْمَعْصِيَةِ إِلَى الطَّاعَةِ،  وَالْإِنَابَةُ  هي الرجوع مِنْ الْغَفْلَةِ إِلَى الذِّكْرِ، أما َالْأَوْبَةُ فهي الرجوع مِنْ الْغَيْبَةِ إِلَى الْحُضُورِ وَالْمُشَاهَدَةِ،

 

( رَبِّ تَقَبَّلْ تَوْبَتِي ) أَيْ بِجَعْلِهَا صَحِيحَةً بِشَرَائِطِهَا وَاسْتِجْمَاعِ آدَابِهَا؛ فَإِنَّهَا لَا تَتَخَلَّفُ عَنْ حَيِّزِ الْقَبُولِ؛  قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ} .

 

( وَاغْسِلْ حَوْبَتِي ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَيُضَمُّ  أَيْ اُمْحُ ذَنْبِي، قال الفيومي في المصباح : ("حَابَ" حَوْبًا .. إذَا اكْتَسَبَ الْإِثْمَ، وَالِاسْمُ: "الْحُوبُ" بِالضَّمِّ، وَقِيلَ: الْمَضْمُومُ وَالْمَفْتُوحُ لُغَتَانِ: فَالضَّمُّ لُغَةُ الْحِجَازِ وَالْفَتْحُ لُغَةُ تَمِيمٍ، وَالْحَوْبَةُ بِالْفَتْحِ الْخَطِيئَةُ) انتهى باخنصار،

 

( وَأَجِبْ دَعْوَتِي ) أَيْ دُعَائِي

 

( وَثَبِّتْ حُجَّتِي ) أَيْ عَلَى أَعْدَائِك فِي الدُّنْيَا وَالْعُقْبَى،  وَثَبِّتْ قَوْلِي وَتَصْدِيقِي فِي الدُّنْيَا وَعِنْدَ جَوَابِ الْمَلَكَيْنِ،

 

( وَسَدِّدْ لِسَانِي ) أَيْ صَوِّبْهُ وَقَوِّمْهُ حَتَّى لَا يَنْطِقَ إِلَّا بِالصِّدْقِ وَلَا يَتَكَلَّمَ إِلَّا بِالْحَقِّ،

 

( وَاهْدِ قَلْبِي ) أَيْ إِلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ

 

( وَاسْلُلْ ) أَيْ أَخْرِجْ؛ مِنْ قولهم : "سَلَّ السَّيْفَ"  إِذَا أَخْرَجَهُ مِنْ الْغِمْدِ ( سَخِيمَةَ صَدْرِي ) أَيْ غَشَّهُ وَغِلَّهُ وَحِقْدَهُ وَحَسَدَهُ وَنَحْوَهَا مِمَّا يَنْشَأُ مِنْ الصَّدْر وَيَسْكُنُ فِي الْقَلْب مِنْ مَسَاوِئ الْأَخْلَاق

 

 انظر بتصرف كثير واختصار: تحفة الأحووذي، وعون المعبود، المصباح المنير.

-إلى أعلى الصفحة-

 

------------------------------------------------------------------------------- 

 

6- شرح دعاء النبي صلى الله عليه وسلم :اللَّهُمَّ، جَنِّبْنِي مُنْكَرَاتِ الأَخْلاقِ، وَالأَعْمَالِ، وَالأَهْوَاءِ، وَالأدْوَاءِ

 

 

كَانَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:

« اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنْ مُنْكَرَاتِ الأَخْلاَقِ وَالأَعْمَالِ وَالأَهْوَاءِ »

أخرجه الترمذي (3591) قَالَ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ، وصحّحه الألبانيُّ في صحيح الترمذي.

.وفي رواية للمستدرك وغيرِه:

(اللَّهُمَّ، جَنِّبْنِي مُنْكَرَاتِ الأَخْلاقِ، وَالأَعْمَالِ، وَالأَهْوَاءِ، وَالأدْوَاءِ)

الراوي: قطبة بن مالك الثعلبي المحدث: الألباني - المصدر: تخريج كتاب السنة - الصفحة أو الرقم: 13، خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح.

 

 

الشرح:

قَوْلُهُ : )اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِك) وفي رواية اخرى للحاكم وغيره (اللَّهُمَّ جَنِّبْنِي منكرات  إلخ)

 

( مِنْ مُنْكَرَاتِ الْأَخْلَاقِ (الْمُنْكَرُ مَا لَا يُعْرَفُ حُسْنُهُ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ،  أَوْ مَا عُرِفَ قُبْحُهُ مِنْ جِهَتِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْأَخْلَاقِ هنا  الْأَعْمَالُ الْبَاطِنَةُ،

 

(وَالْأَعْمَالِ) أَيْ الْأَفْعَال الظَّاهِرَة،

 

(وَالْأَهْوَاءِ) جَمْعُ الْهَوَى؛ وهو – أي الهوى -  مَصْدَرٌ للفعْلِ : «هَوَاهُ» إِذَا أَحَبَّهُ،  ثُمَّ سُمِّيَ بِالْهَوَى الشيءَ الْمُشْتَهَى؛ مَحْمُودًا كَانَ أَوْ مَذْمُومًا؛  ثُمَّ غَلَبَ لفظ (الهوى) عَلَى غَيْرِ الْمَحْمُودِ ، كَذَا فِي كتاب «الْمُغْرِبِ» .

 وَقدْ يُحْمَلُ الْهَوَى هنا عَلَى الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى { وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ اِتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنْ اللَّهِ }، ولذا قيل الهوى إذا وافق الـهُدَى يكون كالزبدة مع العسل؛  يعني فيحلَى بهما العملُ ،

 أو قد  يُحمل الهوَى هنا على ما تختاره النفسُ من العقائد، ومنه قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} [الجاثية: 23] فالمراد بـ (الأهواءِ) مطلقًا الاعتقاداتُ،  وبـ (منكراتِ الأهوية) الاعتقاداتُ الفاسدة المخالفة للعقيدة الصحيحة التي جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم.

(والأدواءِ) وهي جمع الداء، و المقصود بمنكرات الأدواء هو سيء الأسقام؛  كالاستسقاء والسل والمرض المزمن الطويل. إلخ . وقد ورد في الحديث الشريف عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ: « اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْبَرَصِ وَالْجُنُونِ وَالْجُذَامِ وَمِنْ سَيِّئِ الأَسْقَامِ » . أخرجه أبو داود (1554) وصحَّحه الألباني في صحيح أبي داود.

 

انظر بتصرف كثيرٍ واختصارٍ: تحفة الأحوذي ومرقاة المفاتيح..

 

 

 

 

 

 

( اللهم اجعل هذا العلم حُجَّةً لنا لا علينا، وارزقْنا العملَ به)

-إلى أعلى الصفحة-

سجل موجز بتعديل الصفحة:

آخر تعديل: في 19-11-2011: إضافة رابط شرح الحديثَيْنِ: الخامس والسادس.

-------------------------------------------------------------------------------

-إلى أعلى الصفحة-

 

 

روابط ذات صلة :

1- مجموعة مقالات: شرح مختاراتٍ من صحيح دعواتِ  وأذكار النبيّ صلى الله عليه وسلم (فهرس مقالات شرح لدعوات)

2- شرح بعض المختارات من دعوات النبي محمدٍ صلّى الله عليه وسلم.

3-  مقالة ماتعة جدًا عن الدعاء

4- التوسل بالأعمال الصالحة لرفع البلاء: رَفْعُ الصَّخْرَةِ عَنْ صَدْرِ الأُمَّةِ- شرحٌ لحديث أصحاب الغار والصخرة (سلسلة خطب صوتية)

5- رَفْعُ الصَّخْرَةِ عَنْ صَدْرِ الأُمَّةِ- شرحٌ لحديث أصحاب الغار والصخرة- إصدار: 1.0-مُسْوَدَّةٌ. (تفريغ للخطب الصوتية)

 

 

يه مهم:  هذه المقالة نقلها وتصرّف فيها  محُرِّرُ الموقع  اجتهادًا منه ونصحًا لإ خوانه  وبحسب ما أدى إليه فهمه واجتهاده،  لذا فإن أي خطأ يتحمله المحرر وحْدَه، وفضيلة الشيخ  الدكتور محمد الدبيسي عافاه الله تعالى  ليست له علاقة به،  والله الموفق.  اللهم ارزقنا العمل بما علمتنا واجعله حجة لنا لا علينا.

 

**************

بحث في الموقع بواسطة محرك البحث العملاق جوجل:

 

 

 آخر تحديث للصفحة: 23 ذي الحجة 1432 _19-11-2011

الحقوق الفكرية محفوظة لـ : فضيلة الشيخ محمد الدبيسي حفظه الله