فضيلة الشيخ الدكتور/ محمد الدبيسي حفظه الله
موقع غير رسمي يحتوي على المحاضرات الصوتية و كتب لفضيلة الشيخ

 

فضيلة الشيخ محمد الدبيسي حفظه الله /  مقالات  / آيات كريمة وأحاديث نبوية شريفة في "الخوف من الله تعالى"

 

ابحث داخل الموقع    

الرئيسية 

ترجمة الشيخ

ركن الصوتيات

مواعيد  الدروس

ركن الكتب

مختارات

ركن الملفات

ركن المقالات

إلي محرر الموقع

جديد الموقع

معلومات حول الموقع

 

 

                                                                                  

 

تنبيه مهم:

وكتب مشرفُ الموقع:

 

 

 آيات كريمة وأحاديث نبوية شريفة في "الخوف من الله تعالى"  

 

وفي هذه المقالة النقاط التالية:

مقدمة

أحاديث في الخوف من الله تعالى

شرح بعض الآيات والأحاديث:

      1- الخوف من لوازم الإيمان

      2- مَن تحقَّقَ بالخوف من الله مع نهيِ النفس عن المعاصي فإن الجنةَ مأواه

      3-  درجات الخوف، والفرقُ بين الخوف والخشية والوجل والرهبة والهيبة.. إلخ 

      4- لا تنبغي الرهبةُ إلََّا من الله تعالى وحده

      5- من خاف بادر بالأعمال الصالحة فنالَ سلعةَ الله الغاليةَ   

 

-إلى أعلى الصفحة-

-------------------------------------------------------------------------------

 مقدمة

 

  بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ صلى الله عليه وسلم.

فيما يلي بعض الآيات الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة في باب الخوف من الله تعالى. وإن شاء الله تعالى سنوالي تحديث هذه المقالة فيما بعدُ إذا يسّر الله تعالى ذلك  لتشمل شرحًا لأحاديث وآياتٍ لم نذكرها الآن.

وباب الخوف من الله تعالى من الأبواب المهمة جدا  في دين المرء، لأنه كُلَّما قلّ مقدارُ الخوف من الله تعالى في قلب المسلم ازداد اجتراؤه على المعاصي، ومنهم من يقل خوفُه جدا حتى يقع في الكبائر الموبقات - أي المهلكات-   كالقتل والزنى وغيرِهما؛ عياذًا بالله من ذلك.

 

قال الإمامُ ابن القيمِ: «منْزِلَةُ الْخَوْفِ:  وَهِيَ مِنْ أَجَلِّ مَنَازِلِ الطَّرِيقِ وَأَنْفَعِهَا لِلْقَلْبِ،

 وَهِيَ فَرْضٌ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ:

 قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 175]،

 وَقَالَ تَعَالَى {وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} [البقرة: 40]،  وَقَالَ {فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ} [المائدة: 44]،

 وَمَدَحَ أَهْلَهُ فِي كِتَابِهِ وَأَثْنَى عَلَيْهِمْ، فَقَالَ {إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ} [المؤمنون: 57] إِلَى قَوْلِهِ {أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ} [المؤمنون: 61].

 

 وَفِي الْمُسْنَدِ وَالتِّرْمِذِيِّ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ:

 «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَوْلُ اللَّهِ : {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} ، أَهْوَ الَّذِي يَزْنِي، وَيَشْرَبُ الْخَمْرَ، وَيَسْرِقُ؟

 قَالَ: لَا يَا ابْنَةَ الصِّدِّيقِ، وَلَكِنَّهُ الرَّجُلُ يَصُومُ وَيُصَلِّي وَيَتَصَدَّقُ، وَيَخَافُ أَنْ لَا يُقْبَلَ مِنْهُ»، قَالَ الْحَسَنُ: عَمِلُوا - وَاللَّهِ - بِالطَّاعَاتِ، وَاجْتَهَدُوا فِيهَا، وَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ عَلَيْهِمْ، إِنَّ الْمُؤْمِنَ جَمَعَ إِحْسَانًا وَخَشْيَةً، وَالْمُنَافِقَ جَمَعَ إِسَاءَةً وَأَمْنًا.». انتهى من كلام الإمام ابن القيم من كتابه مدارج السالكين.

 

*******

وقال الإمام البيهقي رحمه الله تعالى ما حاصِلُه:

 

الحادي عشر من شُعِب الإيمان: وهو بابٌ في الخوف من الله تعالى

 

قال الله تعالى :

 

 {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِين } (1) ،

 

وقال: {فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ} (2) ،

 

وقال : {وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} (3)،

 

 وقال : {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً} (4) ،

 

 وأَثنَى على ملائكته لخوفهم منه فقال : {وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ} (5)،

 

ومدح أنبياءَه عليهم السلام  وأولياءَه بمثل ذلك فقال : {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} (6)،

 

 وقال: {وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ} (7)،

 

 وعاتبَ الكفارَ على غفلتهم فقال : {مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا} (8)،  فقيل في التفسير: "ما لكم لا تخافون عظمة الله؟!" ، وذمَّهم في آيةٍ أخرى فقال : {وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا} (9)  فقيل:  أراد به : لا يخافون .

 

****

 

فدلَّ جميعُ ما وصفناه على أنّ الخوفَ من الله تعالى من تمام الاعتراف بمُلْكِه وسُلطانِه ونفاذِ مشيئته في خَلْقِهِ ، وأنَّ إغفالَ ذلك إغفالُ العبودية لله تعالى؛ إذْ كان من حقِّ كلِّ عبدٍ ومملوك أن يكون راهبًا لمولاه - عزّ وجلّ-  لثبوتِ يد المولَـى سبحانه وتعالى عليه،  وعجزِ العبد عن مقاومته وترك الانقياد له؛ سبحانه وتعالى .

 

 

****

 

والخوفُ على وجوهٍ عدّة :

 

 

أحدُها : الخوف الذي يحدث من معرفة العبد بذِلّةِ نفسه وهوانِها وقصورها ، وعجزِها عن الامتناع عن الله - تعالى جدُّه - إن أرادها بسوءٍ؛ وهذا نظيرُ خوفِ الولدِ والديه ، وخوفِ الناس سلاطينَهم-  وإن كانوا عادلين محسنين - وخوفِ المماليك مُلَّاكَهم .

 

والثاني : الخوف الذي  يحدث من المحبة؛ وهو أن يكون العبدُ في عامة الأوقات وَجِلًا من أن يَكِلَه الله إلى نفسه ، ويمنعَه موادَ التوفيق ، ويقطعَ دونه الأسباب؛ وهذا خُلُقُ كلِّ مملوكٍ أحسنَ إليه سيُّدُه ، فعرف قدرَ إحسانِه؛ فأحبّه ، فإنه لا يزال يشفق على منزلته عنده خائفا من السقوط عنها والفقد لها .

 

والثالث : ما يحدث من الوعيد ؛ أي التهديد.

 

وقد نبَّه الكتابُ –أي القرآنُ الكريم- على هذه الأنواع كلها...

انتهى بتصرّف كثيرٍ جدًا واختصارٍ من كتاب "شعب الإيمان" للحافظ البيهقي رحمه الله تعالى وعفا عنه.

وفيما يلي تخريج الآيات التي ذُكرت في المتن أعلاه:
__________
(1) سورة : آل عمران آية رقم : 175
(2) سورة : المائدة آية رقم : 44
(3) سورة : البقرة آية رقم : 40
(4) سورة : الأعراف آية رقم : 205
(5) سورة : الأنبياء آية رقم : 28
(6) سورة : الأنبياء آية رقم : 90
(7) سورة : الرعد آية رقم : 21
(8) سورة : نوح آية رقم : 13
(9) سورة : الفرقان آية رقم : 21

 

***/

لذلك لابد من أن يهتم المسلم بذلك الأمر العظيم وهو: الخوف من الله تعالى،  ويحاول أن يُنمّيه بأن يقرأ في تفسير القرآن  وشرح أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم .. إلخ.

 

 

-إلى أعلى الصفحة-

 

-------------------------------------------------------------------------------

أحاديث في الخوف من الله تعالى

عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

 « كَانَ رَجُلٌ يُسْرِفُ عَلَى نَفْسِهِ ،

فَلَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ قَالَ لِبَنِيهِ:  "إِذَا أَنَا مُتُّ فَأَحْرِقُونِى، ثُمَّ اطْحَنُونِى،  ثُمَّ ذَرُّونِى فِى الرِّيحِ ، فَوَاللَّهِ لَئِنْ قَدَرَ عَلَىَّ رَبِّى لَيُعَذِّبَنِّى عَذَاباً مَا عَذَّبَهُ أَحَداً." !

 فَلَمَّا مَاتَ فُعِلَ بِهِ ذَلِكَ.

 فَأَمَرَ اللَّهُ الأَرْضَ  فَقَالَ:  اجْمَعِى مَا فِيكِ مِنْهُ . فَفَعَلَتْ،  فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ ،

 فَقَالَ:  مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟

 قَالَ:  "يَا رَبِّ! خَشْيَتُكَ."

 . فَغَفَرَ لَهُ »

 وفي رواية:  « مَخَافَتُكَ يَا رَبِّ » .

 

 

أخرجه البخاري (3481) ومسلم (2756) واللفظ للأول،

وفي رواية مسلمٍ:  عن مَعْمَرٍ قَالَ:  قَالَ لِىَ الزُّهْرِىُّ:  أَلاَ أُحَدِّثُكَ بِحَدِيثَيْنِ عَجِيبَيْنِ؟!،  ثم ذكر الحديثَ السابق بنحوه.

 

 

 وفي رواية أخرى عند البخاري من رواية أبي سعيد الخدري رضي الله عنه يرفعُه:

« فَجَمَعَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، فَقَالَ مَا حَمَلَكَ؟ قَالَ: مَخَافَتُكَ . فَتَلَقَّاهُ بِرَحْمَتِهِ »

 

***

 

 

وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:

 « لَوْ يَعْلَمُ الْمُؤْمِنُ مَا عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْعُقُوبَةِ مَا طَمِعَ بِجَنَّتِهِ أَحَدٌ، وَلَوْ يَعْلَمُ الْكَافِرُ مَا عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الرَّحْمَةِ مَا قَنِطَ مِنْ جَنَّتِهِ أَحَدٌ » .

أخرجه مسلم (2755)

 

***

 

وعَنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

 « إنِّى أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ وَأَسْمَعُ مَا لاَ تَسْمَعُونَ:  أَطَّتِ السَّمَاءُ وَحُقَّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ؛

 مَا فِيهَا مَوْضِعُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ إِلاَّ وَمَلَكٌ وَاضِعٌ جَبْهَتَهُ سَاجِداً لِلَّهِ!

 

 لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً، وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيراً، وَمَا تَلَذَّذْتُمْ بِالنِّسَاءِ عَلَى الْفُرُشِ،  وَلَخَرَجْتُمْ إِلَى الصُّعُدَاتِ تَجْأَرُونَ إِلَى اللَّهِ »

أخرجه الترمذي (2482) وقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ ، وحسّنه الألباني (3380)

 

 

 

***

 

وعَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ جَلَّ وَعَلاَ ، قَالَ :

«وَعِزَّتِي لاَ أَجْمَعُ عَلَى عَبْدِي خَوْفَيْنِ وَأَمْنَيْنِ:  إِذَا خَافَنِي فِي الدُّنْيَا أَمَّنْتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَإِذَا أَمِنَنِي فِي الدُّنْيَا أَخَفْتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»

أخرجه ابن حبان في صحيحه، وقال الألباني في صحيح الترغيب( 3376) : حسن صحيح.

 

***

 

خوفُ التابعي الجليل زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى رحمه الله تعالى:
عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ قَالَ:

كَانَ زُرَارَةُ بْنُ أَوْفَى قَاضِىَ الْبَصْرَةِ، وَكَانَ يَؤُمُّ فِى بَنِى قُشَيْرٍ، فَقَرَأَ يَوْماً فِى صَلاَةِ الصُّبْحِ ( فَإِذَا نُقِرَ فِى النَّاقُورِ فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ ) فَخَرَّ مَيِّتاً! فَكُنْتُ فِيمَنْ احْتَمَلَهُ إِلَى دَارِهِ .


أخرجه الترمذي (445) وحسّن إسنادَه الألبانيّ في صحيح الترمذي

 

 

 

 

-إلى أعلى الصفحة-

 

-------------------------------------------------------------------------------

شرح بعض الآيات والأحاديث:

 

  ***/

 

   1- الخوف من لوازم الإيمان

 

 

قال تعالى:

 

{إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}

 [آل عمران:]



***/

تفسيرٌ موجز للآية الكريمة:

 

في قوله تعالى: {فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}  عدة فوائد:

 

الفائدة الأُولَى: وجوبُ الخوفِ من الله تعالى وحدَه،

 

الثانية:  أن الخوفَ من الله تعالى  من لوازم الإيمان؛ أي لا ينفكّ الخوفُ عن الإيمان؛  وعلى قدر إيمان العبد يكون خوفه من الله، فمن كانه إيمانُه كبيرًا يكون خوفه من الله كبيرًا، والعكس بالعكس، فقِسْ قدرَ إيمانك بمقدار خوفك أخي الحبيب. 

وعُلم ذلك من استخدام أسلوب الشرط وحذف جواب الشرط الذي دلّ عليه ما قبله فأفاد التوكيد أيضًا؛ والمعنى: وخافوني ؛ إن كنتم مؤمنين فخافوني.

 

الثالثة: الخوف المحمود هو ما حجز العبدَ عن محارم الله تعالى.: 

فالخائف من الله تعالى هو أن يخَافَ أن يُعاقبَه الله تعالى؛ إمّا في الدنيا، وإمّا في الآخرة؛

 

 ولهذا قيل : ليس الخائفُ الذي يَبكِي ويمسح عينيه، بل الخائفُ الذي يترك ما يخَافُ أن يُعذَّب عليه، لذلك فرض الله تعالى على العباد أن يخافوه فقال : {وَخَافُونِ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ } وقال : { وَإِيَّايَ فارهبون } . ومدحَ المؤمنين بالخوف فقال : {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِّن فَوْقِهِمْ}

 

***/

 

انظر بتصرف كثير واختصار : تفسير السعدي وتفسير القرطبي.

 

-إلى أعلى الصفحة-

 

-------------------------------------------------------------------------------

 

 

2- مَن تحقَّقَ بالخوف من الله مع نهيِ النفس عن المعاصي فإن الجنةَ هي مأواه

 

قال تعالى :{وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى}

[النازعات:40-41 ]

***/

 

تفسيرٌ موجزٌ للآية الكريمة:                              

 

 قوله تعالى: { وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ }: في طبيعة  ذلك الخوف من مقام الربِّ رأيان لأهل العلم:

 

الرأيُ الأول:

 

{ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ }  أي خاف العبدُ مقامَه – أي قيامَه-  بين يدَيْ ربِّه للحساب؛ فترك المعصيةَ،

 

وكان قتادة يقول : إن للَّهِ عز وجل مَقاماً قد خافه المؤمنون .

 

الثاني:

{ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ }  أي خاف العبدُ قيامَ ربِّه عليه؛ أي خافَ إشرافَه واطلاعَه عليه عزّ  وجلّ؛

 

قال مجاهد: هو خوفُه في الدنيا من الله عز وجل عند مواقعة الذنب فيُقلع . ونظيره : «ولمِن خاف مَقامَ ربهِ جنتانِ» .

 

وقال الكلبيّ : نزلت في مَن هَمّ بمعصيةٍ وقدر عليها في خَلْوةٍ، ثم تركها من خوف الله . ونحوه عن ابن عباس . يعني من خاف عند المعصية مَقامه بين يدَي الله ، فانتهَى عنها.

 

وقوله { وَنَهَى النفس عَنِ الهوى } أي زجَر العبدُ نفسَه عن المعاصي والمحارم .

 

 وقال سهلٌ رحمه الله تعالى : تركُ الهوى مِفتاح الجنة؛ لقوله عز وجل : { وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النفس عَنِ الهوى }

 

{ فَإِنَّ الجنة هِيَ المأوى} أي المنْزِل  الذي يأوي إليه.

 

***/

 

انظر بتصرّف كثيرٍ واختصارٍ: تفسيرَ السعدي، وتفسيرَ القرطبي.

 

***/

 

اللهمَّ اجعلْنا من الخائفين مَقامَك ، الراهبين،  الوَجِلين ، الخاشِين منك. آمين.

 

-إلى أعلى الصفحة-

 

------------------------------------------------------------------------------- 

 

3- درجات الخوف، والفرقُ بين الخوف والخشية والوجل والرهبة والهيبة.. إلخ 

 

((الْوَجَلُ)) وَ ((الْخَوْفُ)) وَ ((الْخَشْيَةُ)) وَ ((الرَّهْبَةُ)) أَلْفَاظٌ مُتَقَارِبَةٌ؛ لكنها غَيْرُ مُتَرَادِفَةٍ (أي لكل منهم دلالة خاصة في معناه بالرغم من اشتراكها في المعنى العام)، وفيما يلي تفصيل لمعنى كل واحد منهما:

 ***/ 

أولا: الخوف:

فالْخَوْفُ هو اضْطِرَابُ الْقَلْبِ وَحَرَكَتُهُ مِنْ تَذَكُّرِ الْمَخُوفِ..

 

***/ 

ثانيًا الخشية: 

وَ ((الْخَشْيَةُ)) أَخَصُّ مِنَ الْخَوْفِ، فَإِنَّ الْخَشْيَةَ لِلْعُلَمَاءِ بِاللَّهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 28]،  فَهِيَ خَوْفٌ مَقْرُونٌ بِمَعْرِفَةٍ.

 

وفي الحديث:عنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما  قَالَ قَلَّمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُومُ مِنْ مَجْلِسٍ حَتَّى يَدْعُوَ بِهَؤُلاَءِ الْكَلِمَاتِ لأَصْحَابِهِ:  «اللَّهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا يَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ..» إلى آخر الحديث.  [أخرجه الترمذي (3502) وقَالَ: (حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) ، وحسّنه الألباني في صحيح الترمذي.].

 

***/ 

ثالثًا الرهبة:

 

وَأَمَّا الرَّهْبَةُ فَهِيَ الْإِمْعَانُ فِي الْهَرَبِ مِنَ الْمَكْرُوهِ، وَهِيَ ضِدُّ الرَّغْبَةِ الَّتِي هِيَ سَفَرُ الْقَلْبِ فِي طَلَبِ الْمَرْغُوبِ فِيهِ.

 

وفي الحديث: عن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم يَدْعُو: « .. رَبِّ اجْعَلْنِى لَكَ شَكَّاراً؛ لَكَ ذَكَّاراً؛ لَكَ رَهَّاباً .. »  إلى آخر الحديث. [أخرجه الترمذيُّ (3551)  وقَالَ: «حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ»، وغيرُه، وحسّنه الحافظ في الأمالي المطلقة (206)، وصحَّحه الألباني في صحيح الترمذي]

.

***/ 

رابعًا الوجل:

وَأَمَّا الْوَجَلُ فَرَجَفَانُ الْقَلْبِ، وَانْصِدَاعُهُ لِذِكْرِ مَنْ يُخَافُ سُلْطَانُهُ وَعُقُوبَتُهُ، أَوْ لِرُؤْيَتِهِ.

 

قال تعالى: {فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ (34) الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ}، [الحج:34-35]

 

***/ 

       خامسًا الإجلالُ: 

والْإِجْلَالُ هو: تَعْظِيمٌ مَقْرُونٌ بِالْحُبِّ.

 

 قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « أَلِظُّوا بِـ : "يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ" »، أخرجه الترمذي (3525) وقال غريب، وصحّحه الألباني في صحيح الترمذي. 

[ "أَلِظُّوا" أي: إلزموا هذه الدعوةَ وأكثروا منها،  كذا في الرياض- أي رياض الصالحين-   وفي رواية سندها قوي من حديث ابن عمر: "ألُّحوا"، ومعناهما متقارب، انتهى بتصرف من فيض القدير للمناوي] 

 

***/ 

      سادسًا الهيبةُ:  

وَأَمَّا الْهَيْبَةُ فَخَوْفٌ مُقَارِنٌ لِلتَّعْظِيمِ وَالْإِجْلَالِ، وَأَكْثَرُ مَا يَكُونُ مَعَ الْمَحَبَّةِ وَالْمَعْرِفَةِ.

 

فالمَهابةَ من الله تعالى هي أثرُ امتلاءِ القلبِ بمهابةِ الرَّبّ ومحبَّته، وإذا امتلأ بذلك قلبٌ حلَّ فيه النُّورُ ولَبِس رداءَ الهَيْبة، فاكتسى وجهُهُ الحلاوةَ والمَهابَةَ، فحنَّتْ إليه الأفْئدةُ وقرَّتْ بها العُيونُ.

 

***/

 

فَالْخَوْفُ لِعَامَّةِ الْمُؤْمِنِينَ، وَالْخَشْيَةُ لِلْعُلَمَاءِ الْعَارِفِينَ، وَالْهَيْبَةُ لِلْمُحِبِّينَ، وَالْإِجْلَالُ لِلْمُقَرَّبِينَ،

 

وعَلَى قَدْرِ الْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ بالله يَكُونُ الْخَوْفُ وَالْخَشْيَةُ منه، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا، وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا، وَلَمَا تَلَذَّذْتُمْ بِالنِّسَاءِ عَلَى الْفُرُشِ وَلَخَرَجْتُمْ إِلَى الصُّعُدَاتِ تَجْأَرُونَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى»، [أخرجه الترمذي (2482) وقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ ، وحسّنه الألباني (3380)]

 

***/

انظر بتصرف كثيرٍ جدًا واختصار أصلَ  هذه المادة في : مدارج السالكين للإمام ابن القيم رحمه الله تعالى.

 

-إلى أعلى الصفحة-

 

------------------------------------------------------------------------------- 

 

4- لا تنبغي الرهبةُ إلََّا من الله تعالى وحده

قال تعالى: {وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ}، [البقرة:40]، وقال:  {فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ [النحل:51]

  

***/

 

تفسير موجز لآية سورة النحل:

 

قال تعالى:

{وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (51) وَلَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ (52) وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ (53) ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ}،  [النحل:51-54]

 

قوله: { لا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ } أي: لا تجعلوا له شريكا في إلهيَّته، وهو { إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ} متوحِّدٌ في الأوصاف العظيمة؛ متفرِّدٌ بالأفعال كلها. فكما أنه الواحد في ذاته وأسمائه ونعوته وأفعاله، فلتوحِّدوه في عبادته، ولهذا قال: 

{ وَإِيَّايَ فارهبونِ } أي وإيايَ  خافوني .   والرُّهْبُ والرَّهْبُ والرَّهْبَة  هي الخوف، إلا إنها أخصُّ منه كما سيأتي.

 ويتضمّن الأمر بالرهبة معنى التهديد . 

. «وإيّايَ» منصوب بإضمار فعلٍ ؛ وتقديرُ الكلام عندئذ: "وإيايَ ارهبوا؛ فارهبوني"، وهذا يُفيد تأكيدَ الأمْر بالرهبة منه جل وعلا مع البلاغة والإيجاز!

 

والرهبة أخصُّ من الخوف:  فالْخَوْفُ هو اضْطِرَابُ الْقَلْبِ وَحَرَكَتُهُ مِنْ تَذَكُّرِ الْمَخُوفِ. وَأَمَّا الرَّهْبَةُ فَهِيَ الْإِمْعَانُ فِي الْهَرَبِ مِنَ الْمَكْرُوهِ. وتأمّلْ لماذا عدلَ القرآنُ من القول "فإياي فخافونِ" – في غير القرآن - إلى قوله تعالى: {فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ}.

 

 فإمعِنْ أيها المسكينُ – الكاتب والقارئُ- في الخوفِ من الله تعالى  ومن الهروب من عقابه الشديد في الدنيا والآخرة، وادْعُ الله تعالى أن تكون من الرَّاهِبين منه جلّ وعلا؛ كما كان صلى الله عليه وسلم يقول:  «رَبِّ اجْعَلْنِى لَكَ شَكَّاراً؛ لَكَ ذَكَّاراً؛ لَكَ رَهَّاباً» [أخرجه الترمذيُّ (3551) وقَالَ: «حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ»، وغيرُه، وحسّنه الحافظ في الأمالي المطلقة (206)].

 

 

****

 

وقوله {وَلَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ}،

 

قوله تعالى : { وَلَهُ مَا فِي السماوات والأرض وَلَهُ الدين وَاصِباً } الدِّين : الطاعة والإخلاص. وفي تفسير «واصبا» عدة أقوال:

 

1-             «وَاصِباً» معناه دائماً؛ قاله الفرّاء.  والمعنى : طاعة الله واجبة أبداً.

 

2-             وقيل : الوَصب التعب والإعياء؛ أي تجب طاعة الله وإن تعب العبد فيها.

 

3-             وقال ابن عباس : «واصبا» واجباً .

 

4-             الفراء والكلبي : خالصا .

 

وقوله : { أَفَغَيْرَ الله تَتَّقُونَ } أي لا ينبغي أن تتقوا غير الله. فلا تتقوا أحدًا  من أهل الأرض أو أهل السماوات؛ فإنهم لا يملكون لكم ضرا ولا نفعًا.

 

 

*****/

 

انظر بتصرف كثيرٍ واختصار:  تفسير القرطبي، وتفسير السعدي، تفسير الآيتَينِ المذكورتين أعلاه.

 

***/

اللهم اجعلنا من عبادك الخائفين الراهبين المتقين. آمين.

 

-إلى أعلى الصفحة-

 

------------------------------------------------------------------------------- 

 

5-من خاف بادر بالأعمال الصالحة فنالَ سلعةَ الله الغاليةَ

 

عن أَبَي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

 

«مَنْ خَافَ أَدْلَجَ،  وَمَنْ أَدْلَجَ بَلَغَ الْمَنْزِلَ،  أَلاَ إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ غَالِيَةٌ،  أَلاَ إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ الْجَنَّةُ» .

 

أخرجه الترمذي (2450) وقال: حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ ، وصحّحه الألباني لغيرِه في صحيح الترغيب (3377)

 


***/

شرح موجزللحديث: 

 

(مَنْ خَافَ)  أي خاف  الْبَيَاتَ وَالْإِغَارَةَ مِنْ الْعَدُوِّ وَقْتَ السَّحَرِ ( أَدْلَجَ) "أدلج" أي سار من أول الليل،

 

 (وَمَنْ أَدْلَجَ بَلَغَ الْمَنْزِلَ) أي  وَصَلَ إِلَى الْمَطْلَبِ.

 

يعني :  مَن خاف اللهَ تعالى ألزمه الخوفُ السلوكَ إلى الآخرة، والمبادرةَ بالعمل الصالح خوفًا من  القواطع والعوائق عن الله تعالى.

 

 (أَلاَ إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ غَالِيَةٌ) أي رفيعةُ القدْرِ،

 

 (أَلاَ إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ الْجَنَّةُ)، كما قال تعالى : {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ} [التوبة: 111]

 

 أخبر الحديثُ أن الخوف من الله هو المقتضي للسير إليه بالعمل الصالح؛ وهو - أي السير بالعمل الصالح- المشارُ إليه في الحديث بالإدلاج، وعبَّر ببلوغ المنزل عن النجاة المترتبة على العمل الصالح،  وأصل ذلك كله الخوف من الله تعالى.

 

***/

 

انظر بتصرف كثير واختصار: فيض القدير للمناوي رحمه الله تعالى، وتحفةَ الأحوذيّ لمحمد عبد الرحمن المباركفوري، رحمهما الله تعالى وعفا غنهما.

 

 

 

-إلى أعلى الصفحة-
 

-------------------------------------------------------------------------------


 

( اللهم اجعل هذا العلم حُجَّةً لنا لا علينا، وارزقْنا العملَ به)

-إلى أعلى الصفحة-

-------------------------------------------------------------------------------

 

 

 

روابط ذات صلة :

1- شرح أسماء الله تعالى التالية: الرقيب( الدرس رقم:12)، والشهيد (الدرسان رفما: 15،16)، العزيز (الدروس أرقام: 138-147).

 

-إلى أعلى الصفحة-

تنيه مهم:  هذه المقالة نقلها وتصرّف فيها  محُرِّرُ الموقع  اجتهادًا منه ونصحًا لإ خوانه  وبحسب ما أدى إليه فهمه واجتهاده،  لذا فإن أي خطأ يتحمله المحرر وحْدَه، وفضيلة الشيخ  الدكتور محمد الدبيسي عافاه الله تعالى  ليست له علاقة به،  والله الموفق.  اللهم ارزقنا العمل بما علمتنا واجعله حجة لنا لا علينا.

 

**************

بحث في الموقع بواسطة محرك البحث العملاق جوجل:

 

 

 آخر تحديث للصفحة:13 صفر 1433 _07-01-2012

الحقوق الفكرية محفوظة لـ : فضيلة الشيخ محمد الدبيسي حفظه الله