فضيلة الشيخ الدكتور/ محمد الدبيسي حفظه الله
موقع غير رسمي يحتوي على المحاضرات الصوتية و كتب لفضيلة الشيخ

 

الصفحة الرئيسية / مقالات / مجموعة مقالات: أحاديث وآياتٌ في البعث وأهوال يوم القيامة / النظرُ إلى يوم القيامة كأنّه رأيُ عينٍ - الجزء الأول

 

 

 

ابحث داخل الموقع    

الرئيسية 

ترجمة الشيخ

ركن الصوتيات

مواعيد  الدروس

ركن الكتب

مختارات

ركن الملفات

ركن المقالات

إلي محرر الموقع

جديد الموقع

معلومات حول الموقع

 

 

 

 

 

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ صلى الله  عليه وسلم.

 

وبعدُ،،

فهذه المقالة إحدَى مقالات مجموعة "أحاديث وآيات في البعث وأهوال يوم القيامة" ؛  خرَجتُ فيها عن ترتيب المجموعة الموضوعي بالتركيز عن كل مرحلة من مراحل اليوم الآخر على حدة؛ من نفخٍ للصور، ثم الحشر والحساب.. إلخ ، وذلك لمساعدة نفسي ثم إخواني لتدبر بعض الآيات التي وردت ضمن السور التي وردت في حديث النبي صلى الله عليه وسلم التالي:

 

عن ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

 

«مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُ رَأْىُ عَيْنٍ؛ فَلْيَقْرَأْ:

 

 {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} وَ {إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ} وَ {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ}» .

 

أخرجه الترمذي (3333) وقال: (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ)،  وصحَّحه الألباني في صحيح الترمذي

 

 

 

قال بعضُ أهل العلم: وإنما كانت هذه السور الثلاث أخصُّ بالقيامة لما فيها من انشقاق السماء وانفطارها وتكوّر شمسها وانكدار نجومها وتناثر كواكبها إلى غير ذلك من أفزاعها وأهوالها، وخروج الخَلْق من قبورهم إلى سجونهم أو إلى قصورهم، بعد نشْرِ صُحُفهم، وقراءةِ كُتُبهم،  وأخذها بأيمانهم وشمائلهم، أو مِن وراء ظهورهم في موقفهم على ما يأتي بيانه.

 

 

وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ:

 

يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَدْ شِبْتَ؟!

 

قَالَ: « شَيَّبَتْنِى هُودٌ، وَالْوَاقِعَةُ، وَالْمُرْسَلاَتُ، وَ{عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ} وَ {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ}» .

 

أخرجه الترمذي (3297) وقَالَ: (حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ)، وصحَّحه الألباني في صحيح الترمذي

****/

 

 

وفيما يلي تقريبٌ لكلام أهل العلم بخصوص معاني بعض الآيات الكريمات التي تحدّثتْ عن يوم القيامة في هذه السُّوَر الجليلة، وهذا للموعظة ولإحياء القلوب عن الغفلة عن هذه الأمور العظام والأحداث الجسام، لعلّنا نُبادر بالأعمال الصالحة والتوبة من الذنوب والمعاصي والمظالم قبل أن يأتي يومٌ لا يتفع فيه الندمُ.

 أمَّا مَن أراد مِن إخواننا الأحبّاءِ استقصاءَ أقوال أهل العلم بخصوص تفسير هذه الآيات فليقرأْ هذه المقالةَ المختصرة، ثم  ليَرجعْ إلى تفسيرَي الطبري وابن كثير وغيرهما من تفاسير أهل الأثر الكِرام الذين حرصوا على إيراد الأحاديث النبوية وأقوال السلف من الصحابة والتابعين في تفسير هذه الأيات التي تحدثت عن هذه الأمور المهمة من أمور الغيب.

 

وحتى لا يطولَ بنا الكلامُ جدًّا؛ فقد قسَّمتُ هذا الموضوعَ على عدة أجزاء، كل جزء في مقالة إن شاء الله تعالى. والله المُستعان، ولا حول ولا قوة إلَّا بالله العلي العظيم.

 

وكتبه مُحرر (مشرف) الموقع؛ مُحبٌ. (برجاء قراءة هذا التنبيه أدناه).

-------------------------------------------------------------------------------

 

النظرُ إلى يوم القيامة كأنّه رأيُ عينٍ -  الجزء الأول 

تَكْوِيرُ الشمس، وانكدارُ النجوم

تَـسْـيِــيْـرُ الجبال وتَعطيل العشار وحْشْرُ الوحوش

تـسجــيـرُ وتـفـجيــر البـحـار

تَـزْويِــجُ  النُّــفُــوس

نَـشْــرُ الصـحـف

وَضْعُ كتاب أعمال العباد فيه إحصاء تامّ للصغائر والكبائر، وإشفاق المجرمين من ذلك

 

 

 

-------------------------------------------------------------------------------

 

تَكْوِيرُ الشمس، وانكدارُ النجوم:

 

قوله تعالى: {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ}، [التكوير:1] : قال ابن عباس رضي الله عنه: تكويرُها: إدخالُها في العرش. وقال أيضًا: ذهابُ ضوئها. قاله الحسن وقتادة، ورُوي ذلك عن ابن عباس ومجاهد.

وقال أبو عبيدة: "كُوَّرت" مثل تكوير العمامة تُلَفُّ فتُمحَى، وقال الربيع بن خيثم:  "كُورت" : رُمِى بها،

 

الخلاصة: أصل التكوير الجمْعُ؛ مأخوذٌ مِن : كَار العمامة َعلى رأسه يكورها؛ أي لاتَها وجمعِها، فهي – أي الشمس-  تُكوَّرُ أولًا، ثم يُمحى ضوءُها،  ثم يُرْمَى بها.  والله أعلم.

 

***/

 

وقوله تعالى: {وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ}، [التكوير:2] : أي انتثرت .

 

وقال ابن عباس رضي الله عنه: انكدرت: تغيَّرت.

 

الخلاصة:  أصلُ الانكدار الانصبابُ؛ فتسقط في البحار؛ فتصير معها نيراناً إذا ذهبت المياهُ.

 

****/

 

انظر بتصرف كثيرٍ واختصارٍ: التذكرة للقرطبي.
 

 

-إلى أعلى الصفحة-

-------------------------------------------------------------------------------

 

تَـسْـيِــيْـرُ الجبال وتَعطيل العشار وحْشْرُ الوحوش:

 

****/

 

 

وقوله تعالى {وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ} أي تُحوَّل عن منزلة الحجارة؛ فتكون كثيباً مهيلاً؛ أي رملاً سائلاً، وتكون كالعِهْن، وتكون هباءً مُنَبثاً، وتكون سراباً؛  مثل السراب الذي ليس بشيء..

 

***/

 

وقوله {وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ} أي عطّلها أهلُها فلم تُحلَبْ بسبب الشُّغُل بأنفسهم.

 و"العشارُ": الإبل الحوامل، واحدُها عشراء،  وهي التي أتي عليها في الحمل عشرةُ أشهر، ثم لا يزال ذلك اسمُها حتى تضع وبعد ما تضع، وإنما خُصَّ العِشارُ بالذكر لأنها أعز ما يكون على العرب، فأخبر أنه تعطّل يوم القيامة.

 

ومعناه: أنهم إذا قاموا من قبورهم، وشاهد بعضُهم بعضاً، ورأوا الوحوشَ والدوابَ محشورةً وفيها عِشارُهم التي كانت أنْفَسَ أموالِهم لم يعبئوا بها ولم يهمّهم أمرُها!!

 

 ويُحتمل أيضا تعطلُ العشار: إبطال اللهِ تعالى أملاكَ الناس عمّا كان ملّكهم إّياها في الدنيا، وأهل العشار يرونها فلا يجدون إليها سبيلاً..

 

وقيل غير ذلك من الأقوال، لكن القول الأول أشهر، وعليه من الناس الأكثر.

 

****/

 

وقوله: {وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ}:  أي جُمِعتْ، والحشرُ: الجمعُ..

 

واختلف الناسُ في حشر البهائم وفي قصاص بعضها من بعض:

 

1-              فرُوِي عن ابن عباس أن حشر الدواب والطير: موتُها،

 

2-     وقال الضحاك: ورُوي عن ابن عباس في رواية أخرى- : أن البهائم تُحشر وتُبعث. قاله أبو ذر، وأبو هريرة، وعمرو بن العاص رضي الله عنهم ، والحسن البصري رحمه الله تعالى وغيرهم.

 

قال القرطبي عن القول الثاني ما حاصله : (وهو الصحيح؛ لقولِه تعالى:  {وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ} وقوله {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ}، [الأنعام:38] ، قال أبو هريرة: يَحشر اللهُ الخلقَ كلهم يوم القيامة البهائم والطير والدوابَّ وكل شيء،  فيبلغ من عدل الله أن يأخذ للجَمّاء من القرناء، ثم يقول: كُوني تراباً، فذلك قوله تعالى حكاية عن الكفار {وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا}  ).

 

******************/

 

انظر بتصرف كثير واختصار: التذكرة للقرطبي رحمه الله تعالى، وقد نقلتُ منه من موضعَينِ.

 

******************/

 

يا إلهي فإذا كانت الجبالُ تُنسف وتُسيَّر، والعشار تُعطّل، والوحوش تُحشر ليوم القيامة ولأخذ القصاص منها؛  فما بالُنا نحنُ المكلَّفين!!  ـ

 

فاللهم عامِلْنا بفضلك وإحسانك وجودك ورحمتك وعفوك وكرمِكَ يا رب.. اللهم لا تجعلنا كمَن يقول (يا ليتني كنتُ تُرابًا) من هول الحساب وما سيُلاقيه من عقاب الجبّار سبحانه وتعالى. اللهم آمين.

 

 

 

-إلى أعلى الصفحة-

-------------------------------------------------------------------------------

 

 

تَـسجِـيـرُ وتـفـجيــر البـحـار:

 

****/

 

أولًا: قولُه تعالى: {وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ}، [الإنفطار:3]

 

قال الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسيره ما حاصله:

يقول تعالى: {إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ} أي: انشقّتْ. كما قال: {السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِه}، [الزمر:18].

 

{وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ} أي: تساقطتْ.

 

{وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ} قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: فجَّر الله بعضَها في بعض. وقال الحسن: فجَّر اللهُ بعضَها في بعض، فذهُب ماؤها. وقال قتادة: اختلط مالحُها بعذبها. وقال الكلبي: مُلِئت.

 

{وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ} قال ابن عباس: بُحِثَت. وقال السُّدّيّ: تُبَعثر: تُحرَّكُ؛ فيخْرجُ مَنْ فيها.

 

{عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ} أي: إذا حصلَتْ هذه الأحداثُ العظام من انفطار السماء وانتثار الكواكب وتفجير البحار وبعثرة القبور؛ حَصَل عِلْمُ كلِّ نفس بما قدّمتْ أو أخرت مِن أعمالٍ.

 

انظر بتصرف كثير: تفسير ابن كثير رحمه الله تعالى.

 

**************************************/

 

ثانيًا: قوله تعالى: {وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ} ، [التكوير: 6]

 

قال الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسيره ما حاصله:

 

قال تعالى:

وقوله: { وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ } قال ابن جرير: حدثنا يعقوب، حدثنا ابن عُلَية، عن داود، عن سعيد بن المسيب قال: قال علي، رضي الله عنه، لرجل من اليهود: أين جهنم؟ قال: البحرُ. فقال: ما أراه إلا صادقا. { وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ } [الطور: 6]، { وَإِذَا الْبِحَارُ سُجرتْ} [مخفَّفة] .

وقال ابن عباس وغير واحد: يُرسل اللهُ عليها الدّبورَ فتسعِّرها، وتصير نارًا تأجج،

قال مجاهد، والحسن بن مسلم: { سُجِّرَت } أُوقِدتْ. وقال الحسن: يبستْ. وقال الضحاك، وقتادة: غاض ماؤُها فذهب ولم يبق فيها قطرةٌ!. وقال الضحاك أيضا: {سُجِّرَتْ } فُجِّرتْ. وقال السدي: فُتحت وسُيرت. وقال الربيع بن خُثَيم { سُجرَتْ } فاضت.

 

***/

 

انظر- بتصرف واختصار كثير: تفسير ابن كثير رحمه الله تعالى.

 

***/

 

وقال الإمام القرطبي رحمه الله تعالى في تفسيره ما حاصله جمعًا بين هذه الأقوال السابقة:

 

القُشَيْريّ : وهو من سَجَرْت التنور أَسْجُره سَجْرا : إذا أحميته ، وإذا سُلّط عليه الإيقاد نشف ما فيه من الرطوبة ، وتُسَيَّر الجبال حينئذ ، وتصير البحار والأرض كلها بساطاً واحداً ، بأن يُمْلأَ مكان البحار بتراب الجبال . 

 

قال النحاس : وقد تكون الأقوال متفقة؛ يكون تيبس من الماء بعد أن يفيض  بعضها إلى بعض ، فتُقلَب ناراً .

قلت : ثم تُسَيَّر الجبال حينئذ ، كما ذكر القشيري ، والله أعلم.

 

 

ثم جميع ما في هذه الآيات يجوز أن يكون في الدنيا قبل يوم القيامة؛ ويكون من أشراطها ، ويجوز أن يكون يوم القيامة ، وما بعد هذه الآيات:  فيكون في يوم القيامة .

 

 

انتهى باختصار.


*****/

 

 

-إلى أعلى الصفحة-

-------------------------------------------------------------------------------

 

 

https://mail.google.com/mail/u/0/images/cleardot.gif

تَـزْويِــجُ  النُّــفُــوس:

 

****/

 

قال تعالى:  {إِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ}، [التكوير:7]،

 

وقال تعالى{فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ يَنْظُرُونَ (19) وَقَالُوا يَا وَيْلَنَا هَذَا يَوْمُ الدِّينِ (20) هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (21) احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ (22) مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ (23)، وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ}، [الصافات:19-24].

 

وقال تعالى:

{إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (1) لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ (2) خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ (3) إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا (4) وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا (5) فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا (6) وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً (7) فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (8) وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (9) وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11)}

 

***/


وفي الحديث:

عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال : سمعتُ عمرَ يقول في قوله {إِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ}: هو الرَّجلُ يُزوَّجُ نظيره من أهل الجنة ، والرجل يُزوَّج نظيره من أهل النار . ثم قرأ: {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ}.

أخرجه الإمام البخاري تعليقًا بصيفة الجزم في صحيحِه، كتاب تفسير القرآن. وقال الحافظ في الفتح (8/563) : (وَصَلَهُ عَبْد بْن حُمَيْدٍ وَالْحَاكِم وَأَبُو نُعَيْم فِي " الْحِلْيَة " وَابْن مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيق الثَّوْرِيّ.. )، ثم قال: (وَهَذَا إِسْنَاد مُتَّصِل صَحِيح). انتهى باختصار.

وعُمر المذكور في الحديث هو أمير المؤمنين عمر بن الخطالب رضي الله عته

 

***/

 

وعن  الإمام المفسّر  ابن جرير الطبري  قال: حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب،

قال: قال ابن زيد، في قوله{احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ}: قال: "أزواجهم" في الأعمال، وقرأ: {وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً (7) فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (8) وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (9) وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ}: "فالسابقونَ" زوجٌ،  و"أصحاب الميمنة" زوجٌ، و"أصحاب الشمال" زوجٌ، قال: كل مَن كان مِن هذا حشره اللهُ معه. وقرأ: {إِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ} قال: زُوجَّتْ على الأعمال؛ لكل واحد من هؤلاء زوجٌ: زوَّجَ اللهُ بعضَ هؤلاء بعضًا: زوجَ أصحابَ اليمين أصحابَ اليمين، وأصحابَ المشأمة أصحابَ المشأمة، والسابقين السابقين، قال: فهذا قوله: {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ}:  قال: أزواجُ الأعمال التي زوَّجَهن اللهُ.

 

***/

وهناك تفسير آخر لقوله تعالى : {إِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ} ذكره الإمام ابن جرير عن عكرمة والشَّعْبيّ وهو: {إِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ} : الأرواحُ ترجعُ إلى الأجساد .

 

ثم رجَّح الإمام الطبري التفسيرَ الأول قائلًا: وأولَى التأويلَيْنِ في ذلك بالصحة: الذي تأوّله عمرُ بن الخطاب رضي الله عنه؛ للعلَّة التي اعتلّ بها..

 

***/

انظر بتصرف واختصار: تفسير الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله تعالى

 

***/

 

فتفكَّر معي أخي الحبيب: ماذا سيحدث فيَّ وفِيكَ عندما تُزوّج النفوسُ على قدر الأعمال:  تُرَى هل سُنحشر مع  أهل اللهو والظلم والغفلة والذنوب والمعاصي..  أو مع أهل المشأمة، أم سيلطفُ بنا ربّنا ونُحْشَرُ مع الصالحين من أهل اليمين ؟

 

تُرَى في هذه اللحظة الفارقة من لحظات يوم القيامة عند تزويج النفوس:  هل سنُحشر مع أهل الجنة، أمَْ من أهل النار؛ عياذًا بالله منها؟

 

***/

 

اللهم تُب علينا من المعاصي والذنوب، ووفِّقْنا إلى أعمالٍ صالحةٍ تُدخلنا بها الجنةَ وتحشرنا بها من الصالحين. اللهم قِنا عذابَك يوم تبعث عبادك. اللهم آمين.

 

*

 

-إلى أعلى الصفحة-

-------------------------------------------------------------------------------

 

نَـشْــرُ الصـحـف:

 

**********/

 

قال تعالى:

{وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ}، [التكوير:10]

 

قولُه تعالى : { وَإِذَا الصحف نُشِرَتْ } أي فُتحت بعد أن كانت مطويةً ، والمرادُ صحف الأعمال التي كَتَبَت الملائكةُ فيها ما فعل أهلُها من خير وشر ، تُطْوَى بالموت، وتُنشر في يوم القيامة ، فيقف كل إنسان على صحيفته؛ فيعلم ما فيها ، فيقول : {مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا}، [ الكهف:49]..

 

 

***/

وروَى مَرْثَد بن وَدَاعة  رضي الله عنه - اختُلِفَ على صُحْبته؛ والأكثرُ من العلماء على أنه صحابي - قال :

 إذا كان يوم القيامة تطايرت الصحفُ من تحت العرش ، فتقع صحيفةُ المؤمن في يده: {فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ}  إلى قوله : {الأيام الخالية} ،  وتقع صحيفة الكافر في يده:  {فِي سَمُومٍ وحَمِيم} إلى قوله : {ولا كريم}.

 

والآيات كاملة هي:

 قال تعالى: {يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ (18) فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (19) إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ (20) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (21) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (22) قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (23) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ} ، [الحاقة:18-24]

 

وقال أيضا: {وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ (41) فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ (42) وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ (43) لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ}، [الواقعة:41-44]

 

 

****/

 

وعن أمّ سلمة رضي الله عنها  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «يُحشَرُ الناسُ عُراةً حُفاةً»

 

فقالتْ أم سلمة: يا رسولَ اللهِ واسَوءَتاهُ؛ ينظُرُ بعضُنا إلى بعضٍ ؟!

 

فقال: «شُغِل الناسُ»

 

قلتُ: ما شَغَلَهم؟!

 

قال: «نشرُ الصحفِ؛ فيها مثاقيلُ الذرِّ، ومثاقيلُ الخردلِ»

 

قال الحافظ البوصيري في إتحاف المهرة: رواه أبوبكر بن أبي شيبة والطبراني في الأوسط بإسناد صحيح. انتهى.

 

***/

 

وقال  أبو الثوّار العدَوِيّ : هما نَشْرَتان، وطَيَّة ، أمَّا ما حييتَ يا بن آدم فصحيفتُك المنشورة ، فأمّلِ فيها ما شئتَ ، فإذا مِتَ طُوِيتْ ، حتى إذا بُعثتَ نشِرتْ:{اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا} [ الإسراء:14].

 

***/

 

وقال مقاتل : إذا مات المرء طُوِيتْ صحيفةُ عمله ، فإذا كان يوم القيامة نُشِرتْ .

 

وعن عمر رضي الله عنه أنه كان إذا قرأها قال : إليك يُساق الأمر يا بن آدم .

 

***/

 

وقرأ نافع وابن عامر وعاصم وأبو عمرو :{نُشِرَتْ}: مخففةً ، على نشرت مرة واحدة ، لقيام الحجة . والباقون بالتشديد ، على تكرار النشر ، للمبالغة في تقريع العاصي ، وتبشير المطيع . وقيل : لتكرار ذلك من الإنسان والملائكة الشهداء عليه .

 

وقال الضحاك: ( وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ ) : أُعطى كلُّ إنسان صحيفتَه بيمينه أو بشماله.

 

انظر بتصرف كثير: تفاسير القرطبي، والطبري، وابن كثير لهذه الآية الكريمة.

 

***/

 

اللهم استرنا ولا تفضحنا، اللهو أعطنا كتابنا بيميننا، اللهم آمين.

 

 

 

-إلى أعلى الصفحة-

-------------------------------------------------------------------------------

 

وَضْعُ كتاب أعمال العباد فيه إحصاء تامّ للصغائر والكبائر، وإشفاق المجرمين من ذلك:

 

**********/

قال تعالى:

{وَعُرِضُوا عَلَىٰ رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا
(48)

وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا  وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا
}

[سورة الكهف:48-49]

****
 

تفسير موجز للآية الثانية:

 

وقوله: {وَوُضِعَ الْكِتَابُ} أي: كتاب الأعمال، الذي فيه الجليل والحقير، والفتيل والقطمير، والصغير والكبير، {فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ} أي: من أعمالهم السيئة وأفعالهم القبيحة،

 

 {وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا} أي: يا حسرتنا وويلنا  على ما فرطنا في أعمارنا:  {مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلا أَحْصَاهَا} أي: لا يترك ذنبًا صغيرًا ولا كبيرًا ولا عملا وإنْ صغر {إِلا أَحْصَاهَا} أي: ضبطها، وحفظها..

 

وقوله: {وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا} أي: من خيرٍ أوشرٍّ؛كما قال تعالى: {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا }، [آل عمران:30] ، وقال تعالى: {يُنَبَّأُ الإنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ}، [القيامة:13] وقال تعالى: {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ}، [الطارق:9] أي: تظهر الـمُخبَّآتُ والضمائرُ:

 

فعن عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُعْرَفُ بِهِ؛ يُقَالُ: هَذِهِ غَدْرَةُ فُلاَنٍ» أخرجه الإمام مسلم في صحيحه (1736)

 

وقوله: {وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} أي: فيحكم بين عباده في أعمالهم جميعًا، ولا يظلمُ أحدًا من خلْقِه، بل يغفر  ويصفح ويرحم ، ويُعذِّب مَن يشاء بقدرته وحكمته وعدْله، ويملأ النار من الكفار وأصحاب المعاصي، ثم ينُجي أصحاب المعاصي بعد فترة من مكوثهم فيها لتطهيرهم من ذنوبهم،  ويُخلَّد فيها الكافرون،  وهو الحاكم الذي لا يجور ولا يظلم، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا}، [النساء:40] وقال: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ} [الأنبياء:47] والآيات في هذا  كثيرة.

 

*****/

 

انظر بتصرف كثير وواختصارجدا: تفسير ابن كثير لهذه الآية الكريمة.

 

***/


أفلا يتعظ الظالمون والطغاةُ والعصاةُ وكلُّ واحدٍ منا من هذا الموقف الرهيب، فنتوبَ عن الظلم والمعاصي قبل أي يأتي وقت لا ينفع فيه الندم، وإنّما هو  الجزاءُ العدْلُ من الله تعالى.

 

 

-إلى أعلى الصفحة-

 

-------------------------------------------------------------------------------

 

تنبيه مهم:  هذه المقالة كتبها  محُرِّرُ الموقع  اجتهادًا منه ونصحًا لإ خوانه  وبحسب ما أدى إليه فهمه واجتهاده،  لذا فإن أي خطأ يتحمله المحرر وحْدَه، وفضيلة الشيخ  الدكتور محمد الدبيسي عافاه الله تعالى  ليست له علاقة به،  والله الموفق.  اللهم ارزقنا العمل بما علمتنا واجعله حجة لنا لا علينا.

 

-------------------------------------------------------------------------------

 

-إلى أعلى الصفحة-

 

روابط ذات صلة :

1-  مجموعة مقالات: أحاديث وآياتٌ في البعث وأهوال يوم القيامة

 

 

*******

 آخر تحديث للصفحة:21 ذو الحجة 1434 _26-10-2013

 

 

 

 

 

الحقوق الفكرية محفوظة لـ : فضيلة الشيخ محمد الدبيسي حفظه الله