فضيلة الشيخ محمد الدبيسي حفظه الله
موقع غير رسمي يحتوي على المحاضرات الصوتية و كتب لفضيلة الشيخ

 

ضيلة الشيخ محمد الدبيسي حفظه الله /  مقالات /  مجموعة مقالات: بخصوص الآيات الواردة في معاني اسم الله الحَكَم / مقالة:  أَفَغَيْرَ الله أَبْتَغِي حَكَماً؟!!

 

ابحث داخل الموقع    

الرئيسية 

ترجمة الشيخ

ركن الصوتيات

مواعيد  الدروس

ركن الكتب

مختارات

ركن الملفات

ركن المقالات

إلي محرر الموقع

جديد الموقع

معلومات حول الموقع

 

 

 

 

مقالة : أَفَغَيْرَ الله أَبْتَغِي حَكَماً؟!!

 

قال تعالى:

 

{أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا   وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا    وَالَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (114)

وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا   لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ  وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (115)

 

وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ  إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (116) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (117)}

[الأنعام: 114-117]

 

  •    قوله تعالى : { أَفَغَيْرَ الله أَبْتَغِي حَكَماً } المعنى : أفغير الله أطلبُ لكم حاكماً؛ وهو الذي كفاكم مئونة المسألة في الآيات بما أنزله إليكم من الكتاب المفصّل ، أي المبيَّن فيه الأحكام. فليس لي أن أتعدَّى حُكْمه وأتجاوزه، لأنه لا حَكَم أعدل منه، ولا قائل أصدق منه.

 

كأن المعنى :فإياكَ أن تبتغيَ حَكَمًا غيري؛ لأني أنا المشرِّع - سبحانه وتعالى - وأنا من أحكم، وأنا الذي سوف أجازي- جلّ وعلا.

 

لماذا؟ لأن الذي يَحكم هو من وضع القانون، ومرادُه منه هو أعلم به، فالحقّ الواضحُ – عزّ وجلّ-  هو أعلم به، وسبحانه هو من يحكم ، إذن فالحَكَم الحقُّ هو الله؛  لأنه هو الذي قنَّن، ومادام هو الذي قنن وهو الذي يحكم بينكم، فليطمئن كل إنسان يتخاصم مع غيره؛ لأن القضية يفصل فيها أعدل العادلين وأحكم الحاكمين.  ولذلك يقول الحق سبحانه: {أَفَغَيْرَ الله أَبْتَغِي ... } فسبحانه هو من يحكم، وغير الله مَحكومٌ عليه لا حاكم. وكل تدبير وحكم للمخلوق فإنه مشتمل على النقص، والعيب، والجور، وإنما الذي يجب أن يتخذ حاكما، فهو الله وحده لا شريك له، الذي له الخلق والأمر.

 

 

  • ·   ثم قيل : الحَكَم أبلغ من الحاكم؛ إذ لا يستحق التسمية بحَكَمٍ إلا من كان يحكم بالحق ، لأنها صفةُ تعظيمٍ في مدْحٍ . والحاكم صفة جارية على الفعل ، فقد يُسَمَّى بها من يَحْكم بغير الحق . والحَكَم أيضًا هو الحاكم المتخصِّص بالحُكْم الَّذي لا يُنْقَضُ حُكْمُه ، فهو أخصّ من الحاكم أيضا في هذا الاعتبار.

 

  • ·   وقوله تعالى:{وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا}   أي مُبَيَّنًا فيه الحق والباطل والحلال والحرام وغير ذلك من الأحكام،  بحيث لم يَبقَ في أمر الدين شيءٌ من التخليط والإبهام؛ فأي حاجة بعد ذلك إلى الحَكَم؟! وهذا كما ترى صريحٌ في أن القرآن الكريم كافٍ في أمر الدين؛ مغن عن غيره ببيانه وتفصيله.

 

  • ·   { والذين آتَيْنَاهُمُ الكتاب } وأهل الكتب السابقة، من اليهود والنصارى، يعترفون بذلك { ويَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنزلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ } ولهذا، تواطأت الإخبارات { فَلا } تشُكَّنَّ في ذلك ولا { تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ } .

 

  • ·   قوله تعالى : { وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ } قراءة أهل الكوفة بالتوحيد (كلمة) ، والباقون بالجمع (كلمات). قال ابن عباس : مواعيد ربك ، فلا مغيّر لها . والكلمات ترجع إلى العبارات أو إلى المتعلقات من الوعد والوعيد وغيرهما . قال قتادة : الكلمات هي القرآن لا مبدل له ، لا يزيد فيه المفترون ولا ينقصون .

 

  •          { صِدْقاً وَعَدْلاً } أي فيما وَعَد وحَكَم ، لا رادّ لقضائه ولا خُلْف في وعده؛ فكلُّ ما أمر به فهو العدلُ الذي لا عدلَ سواه، وكل ما نهَى عنه فباطلٌ، فإنه لا ينهى إلا عن مَفْسَدةٍ؛ كما قال: { يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ  وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ}  إلى آخر الآية [الأعراف: 157].

 

  • ·   وقوله { لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ } أي: ليس أحدٌ يُعقِّبُ حُكمَه تعالى؛ لا في الدنيا ولا في الآخرة، { وَهُوَ السَّمِيعُ } لأقوال عباده، وكذلك هو السميع لسائر الأصوات، باختلاف اللغات على تَفنُّنِ الحاجات،  {الْعَلِيمُ } بحركاتهم وسكناتهم، والذي أحاط علمه بالظواهر والبواطن، والماضي والمستقبل؛  فيُجازي كلَّ عاملٍ بعَمَلِه.

             فدلّت الآية على وجوب اتباع دلالات القرآن؛ لأنه حق لا يمكن تبديله بما يناقضه ، ولأنه من عند حكيمٍ لا يَخفَى عليه شيءٌ من الأمور كلها .

 

  • ·   وقوله تعالى : { وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلا يَخْرُصُونَ (116) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (117) }

                   يُخبر تعالى عن حال أكثر أهل الأرض من بني آدم أنه الضلال، كما قال تعالى: { وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الأوَّلِينَ } [الصافات: 71]، وقال تعالى: { وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ } [يوسف: 103]، وهم في ضلالهم ليسوا على يقين من أمرهم، وإنما هم في ظُنُونٍ كاذبةٍ وحُسْبانٍ باطلٍ كما قال: { إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلا يَخْرُصُونَ}.

 

  

·       ومن هِداية هذه الآيات الكريمات:

1- حُرمة وبُطلان التحاكم إلى غير الوحي الإِلهي .

2- تقرير صحة الدعوة الإِسلامية بأمرين الأول : القرآن الكريم ، الثاني : شهادة أهل الكتاب ممن أسلموا كعبد الله بن سلام القرظي وأصحمة النجاشي وغيرهم .

3- ميزة القرآن الكريم : أن أخباره كلها صدق وأحكامه كلها عدل .

4- وعود الله تعالى لا تتخلف أبداً ، ولا تتبدل بتقديم ولا تأخير .

5- اتباع أكثر الناس يؤدي إلى الضلال؛ فلذا لا يُتَّبعُ إلَّا أهلُ العلم الراسخون فيه؛ لقوله تعالى : {وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ [يونس: 89].

 

 

 
 

 

 

 

---------------------------------------

 

انظر بتصرف كثير واختصار: تفاسير القرطبي  والسعدي، والآلوسي، والشعراوي، وأيسر التفاسير للجزائري.

 

---------------------------------------------

 تنبيه  مهم

 كتب هذه المقالة  محررو الموقع  -بحسب ما أدى إليه فهمهم واجتهادهم  - , لذا فإن أي خطأ يتحمله المحررون وحدهم ,  وفضيلة الشيخ  محمد الدبيسي حفظه الله تعالى عافاه الله تعالى  ليست له علاقة به , والله الموفق.

________________________________________________________

روابط ذات صلة : الآيات الواردة في معاني اسم الله تعالى الحَكَم

________________________________________________________________________________________________________________

 آخر تحديث للصفحة: 27 جمادى الأول 1432هـ _1-5-2011

 

 

 

 

الحقوق الفكرية محفوظة لـ : فضيلة الشيخ محمد الدبيسي حفظه الله